يحتفل الوطن هذه الأيام برحلة الخمسين سنة لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي الوقت نفسه تبدأ رحلة الاستعداد للخمسين سنة القادمة.

من حقنا أن نفخر بما تحقق وبالذات الجيل الذي أدرك حال البلاد قبل قيام الاتحاد. أستطيع كشاهد على تلك الفترة أن أُلخّص الموضوع في عبارات مختصرة: البنية التحتية شبه معدمة، فلا مساكن مناسبة ، كان جل الناس يقيمون في بيوت من سعف النخيل أوالطين، لم تكن الكهرباء والمياه متوفرة، ولا طرق معبدة ، الخدمات الصحية تتلخص في مستوصفات صغيرة تبرعت بها الدول الشقيقة. أما المدارس فلا يجاوز عددها أصابع اليد ، كان جل الناس يعيشون فقراً مدقعاً ، الغني منهم من كان عنده زاد يومه.

ملخص القول إن الدولة كادت أن تكون خاوية من كل شيء، إلا همة القادة الذين وضعوا الإمارات نصب أعينهم ، فرزقهم الله بصدق نياتهم. ما تحقق خلال الخمسين عاماً لا تستطيع الكلمات وصفه، فهو أقرب إلى المعجزة في تاريخ الدول المعاصرة، وقد شهد بذلك البعيد قبل القريب.

أتذكر أنني في منتصف الثمانينيات عندما ذهبت للدراسة في أميركا كنت أتمنى أن أرى في وطني بعض ما تحقق لهم، ومرت السنون سرعاً وإذا بالأميركيين يشيدون بما تحقق في هذا الوطن.

فالبنية التحتية لدينا هي من الأفضل في العالم، والمستشفيات تم اعتمادها عالمياً، تنوعت المدارس في مناهجها، وأسست في الدولة جامعات وطنية وخاصة عالمية المستوى. حققت حكومتنا الرشيدة أفضل النتائج العالمية من حيث الجودة، حتى بات ما تحقق في الوطن مدرسة يتعلم منها العالم فنون القيادة الرشيدة. وجاءت أزمة كورنا العالمية بجوانبها الاجتماعية والصحية والاقتصادية كاختبار أخير على جودة الحياة في أرض الإمارات. ولله الحمد والمنة، أثبتت الإمارات صدق أفعالها عندما رفعت قيادتها شعار «لا تشلون هم»، فالحياة في الإمارات اليوم بجوانبها الاجتماعية والصحية والاقتصادية تكاد أن تحقق أفضل النتائج فيها يرتبط بانعكاسات وآثار هذا الوباء. المستقبل الذي تخطط له الإمارات سيمثل نقلة كبيرة في الفكر والتطبيق.

فالإمارات تريد أن تكون قِبْلة العالم في أفضل الأفكار والمنجزات، لذلك تم استحداث التشريعات، وأضحت المرونة سياسة واضحة في الإدارات والوزارات ، فالجمود عقبة تحول دون الإبداع. وبدأت المبادرات سراعاً لتحقيق تلك الغايات، فقد تم إطلاق البرنامج الاستراتيجي الجديد لمصرف الإمارات للتنمية بمحفظة تمويلية بقيمة 30 مليار درهم، لتحفيز مجموعة من القطاعات الحيوية ذات الأولوية الوطنية بهدف تمويل 13500 شركة جديدة ، قبل ذلك تم الإعلان عن دبي عاصمة الاقتصاد الإبداعي في المنطقة والعالم بهدف وصول عدد الشركات الإبداعية إلى 15 ألف شركة خلال خمس سنوات.

لا أستطيع في هذه المساحة حصر المبادرات الخلّاقة التي تم اعتمادها ، بيد أننا في الإمارات لدينا ثقة عن تجربة تؤكد أن قيادتنا إنْ وعدت، حققت وأنجزت وستكون الإمارات خلال بضع سنوات قِبلة العالم ، بحيث تتجه إليها عقول كل من أراد الإبداع والإنجاز.

* أكاديمي إماراتي