الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الهياكل الاقتصادية.. بين الواقع والحقيقة

الهياكل الاقتصادية.. بين الواقع والحقيقة
24 مارس 2021 00:31

د. يحيى الشحي

يجمع الاقتصاد العالمي مجموعة مختلفة من الهياكل الاقتصادية المبنية على منهجيات المنفعة الوطنية، نسميها عقيدة اقتصادية.
والشاهد في الأمر أن الدول التي تتربع على قمة سلم اقتصاديات العالم تشترك في ركيزتين رئيستين مهمتين في اقتصاد يقوم عليهما.
وبالتالي، هما أساس الاكتفاء الاقتصاد التطبيقي (إنتاجي) الذي في النهاية يقودك إلى قيادة وضعك الاقتصادي.
إنه إطار اقتصاد معياري واقع بين الحقيقة والواقع.
يفسر الاختلاف إلى عوامل عديدة، على رأسها قدرات الدولة، والثروة التي تمتلكها، وإطارها الفلسفي للاستراتيجيات والسياسات الاقتصادية والسياسية.
فعقيدة الجباية، كنظام هيكلي يقوم على الإيرادات الضريبية من خلال الاستقطاعات الإجبارية لتغطية النفقات.
وبالتالي، فإن المعدلات المرتفعة للضغط الضريبي تؤثر بشكل مباشر على الأنشطة الاقتصادية، من خلال دفع قطاع الاستهلاك (العائلي والأعمال) إلى الانخفاض، وزيادة معدلات الفساد والتهرب الضريبي.
أما العقيدة الريعية، فهي نمط يعتمد كلياً على مصدر دخل واحد، غالباً موارد طبيعية من دون الحاجة إلى تطويرها، وتتميز بالحفاظ على الأنشطة الاقتصادية الناتجة عنها.
وبالتالي، مع مرور الوقت، يؤدي ذلك إلى ظهور مجتمع استهلاكي مرتبط فقط بالاستيراد ولا يهتم بقطاع التصنيع أو الأنشطة الزراعية وغيرها.
أما بالنسبة لنمط الدخل المتعدد من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية، فإنه يأخذ عقيدة التنويع، حيث تتميز بقدرتها على مواجهة تقلبات وتغيرات الاقتصاد العالمي.
وبالتالي يكتسب المرونة والمقاومة للدورة الاقتصادية، يمزج نمطها الاجتماعي بين الاستهلاك والإنتاج، تجاه الصناعات المركبة والبسيطة.
أما مبدأ عقيدة الاكتفاء الذاتي، فهو نمط يجمع بين العمليات الاستهلاكية والصناعية التطبيقية من خلال القدرة الكاملة على إخضاعها محلياً من دون الحاجة إلى الاعتماد الجزئي أو الكلي على عمليات الاستيراد الخارجية فيما يتعلق بالصناعات البسيطة والمركبة.
وبالنظر إلى الأمر من خلال وصف العقائد الاقتصادية، نجد أن الدول التي تتميز بعقيدة الاكتفاء تقوم على ركيزتين أساسيتين، هما العلم والصناعة.
وكما مثبت عن أحد مفكري الحضارة الإنسانية «ابن خلدون»، تتكون الإنتاجية من دوائر وعمليات مترابطة تكملها الفنون الصناعية، وينبع تطورها من اشتعال «فكرة». على حد وصفه، «قوة في مجال الفعل». في الختام، وفي سياقنا الاقتصادي، دعت السياسات الاستراتيجية الحكيمة إلى توجه نحو الاستفادة من قطاع النفط لخلق قطاعات وأنشطة ذات إنتاج مستدام يتجاوز العصر النفطي وتنمية اقتصادية أكثر استدامة وتوازناً.
وبالتالي، فإننا نعبر، عندما تتبنى عقيدة اقتصادية تطبيقية تتمتع بالاكتفاء الذاتي علمياً وصناعياً، فإنك تحدد مسار ومصير واقعك الاقتصادي من الواقع إلى الحقيقة.
الحقيقة أن منتجاتك وخدماتك تتجاوز الحدود الجغرافية وتغزوها، ولها ميزان مدفوعات فائضة دائمة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©