يؤكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة، أن المنطقة في المرحلة المقبلة أحوج ما تكون إلى تغليب الدبلوماسية على المواجهات، والتواصل على القطيعة. هذا الاستشراف السلمي يعبّر عن جوهر دبلوماسية دولة الإمارات، بما تحمله من روح الأخوة والسلام، في تعاملها الدبلوماسي مع الدول، وهذا مما يجعل من الإمارات دولة صاعدة ومؤثرة. 
هذه القراءة الاستشرافية تطابقت مع عدة رسائل إيجابية ترددت في الفترة الأخيرة بين أنقرة والقاهرة، بما يرشح أن هناك تقارباً وشيكاً. وبالطبع نحن نتفاءل بتقارب أنقرة والقاهرة، بالدرجة التي كان يزعجنا أي تباعد بينهما.
ونأمل أن يتحقق هذا التقارب، بما يخدم مصالح شعوب منطقة شرق المتوسط والشرق الأوسط، ويزيد من فرص السلام والتسامح، ويؤمّن أجواءً إيجابية تحتاجها منطقتنا التي يغلب على أجزاء منها العنف والكراهية والإرهاب، وما نجم عن ذلك من قتل ودمار وخراب وتهجير وعبث بمقدرات الشعوب، في غياب التسامح وروح الأخوة الإنسانية التي هي المخرج الوحيد للخروج من هذه المآسي.
التقارب التركي المصري سوف يزيد من آمال شعوب المنطقة، ويبشر بعصر جديد، ترتفع فيه عوامل التقارب والتفاهم والحوار بين جميع الأطراف. ومما يزيدنا تفاؤلاً بذلك أن ثمة ضوءاً أخضر من جانب جمهورية مصر العربية يبشر بأن البلدين يعملان على وضع أسس وقواعد للتفاهم المشترك، ولفك الاشتباك السياسي ومنع أي اشتباك عسكري، وذلك انطلاقاً من حكمة ارتضتها أنقرة والقاهرة اللتان يركزان حالياً على الخروج باتفاق يؤسس لبناء علاقاتهما المستقبلية المشتركة.
لقد أدركت كل من أنقرة والقاهرة أنهما تحتاجان إلى تغيير، وعليهما أن تستكشفا آفاقاً جديدة للتعايش المشترك بعد التحولات الجيوسياسية والاقتصادية والإعلامية الرقمية التي تسود البيئة المحلية والإقليمية، وبدلاً من ذلك الاستثمار في ما هو مشترك.
أدركت مصر وتركيا، أنهما لا يمكن أن ترهنا مستقبلهما ومصيرهما للماضي، بل عليهما أن تجدا بينهما أرضية مشتركة، للتفاهم والاتفاق بروح من الأمل لصناعة السلام والمستقبل لشعبيهما وأجيالهما الصاعدة والاستثمار في البشر الذي سيؤمن لهما السلم الأهلي والمنافع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وبذلك سيقدم البلدان الكبيران نموذجاً متطوراً سيكون عنواناً ورمزاً للسلم والتعايش، بما يؤكد أن ناتج تلاقي بلدين حضاريين سيكون محل تقليد واقتداء لتعميق النزعة السلمية في المنطقة، مما ستنتفع به المجتمعات الأخرى، وسيسجل التاريخ لمصر وتركيا هذا الإنجاز الحضاري.
وكان الرئيس أردوغان قد خرج برسائل إيجابية يعزز فيها تقارب البلدين، حيث صرح مؤخراً بأن «مصر لاعب إقليمي محوري في المنطقة»، وهو يعلم أن مصر تبقى البوابة العربية الكبيرة، إن حظيت تركيا بفتحها فسيسهل لها الدخول إلى الدول الخليجية الأخرى المتحالفة معها، والتي تكون أزمتها أقل تعقيداً من العلاقات التركية المصرية.
لكن ما مصير «الإخوان» في هذا التقارب؟ تسعى أنقرة إلى حل الأزمة القائمة مع مصر في إطار تفاهمات، ومن المؤكد أن القاهرة تتعامل في إطار الدبلوماسية الدولية، لكنها لن تقدم أي تنازلات في المقابل، لأنها صاحبة الحق الدبلوماسي والسياسي. وهناك وفد أمني تركي سيزور القاهرة، إذ اشترطت مصر أن تكون المبادرة الأولى من أنقرة، كما اشترطت وقف نشاطات القنوات الفضائية ووسائل الإعلام وترحيل المطلوبين إلى بلد ثالث. 
مصر وتركيا ستربحان الصلح والسلام في تقاربهما، والطرف الوحيد الخاسر هو جماعة «الإخوان المسلمين».