ترتبط المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة برابط فريد وعلاقة متميزة وقوية، ليست علاقة الدم والنسب والجوار والمصير فحسب، بل نوع آخر من الوشائج المتينة المبنية على مودة وألفة وانسجام قلّما تتكرر بين شعبين متجاورين، فضلاً عن سياسة متناغمة في مواقفها ومطبوعة على الاحترام، ووحدة الكلمة والمصير، وتاريخ طويل من المواقف المشرفة والمتبادلة بين الطرفين.
ولأن هذه العلاقة فريدة ومتميزة ومستقرة بين الشعبين، فلا عجب أن يخرج بين الحين والآخر من يسعى لتعكير صفوها أو يحاول تقويضها وزرع الفتنة بين الشعبين بقصص بائسة وهزيلة وتحوير بعض المواقف، واستغلالها بتفسيرات كاذبة لتأليب أحد الشعبين على الآخر ولإيغار الصدور وخلق خصومة ينتفع من ورائها الحاقدون والمتربصون، ممن نكثوا عهود الأخوّة والجوار وانبروا لزرع الفتن والقلاقل وشحن الشعوب وتفريق الجماعات بإعلامهم وأذرعهم الحزبية وتمويلاتهم المشبوهة، فزجّوا بالمنطقة العربية بأكملها في منزلقات خطيرة من الخصومات والتأجيج بين الشعوب وحكامها، حتى اشتعلت على إثرها شرارة ما سمي بـ«الربيع العربي» الذي انطلقت شرارته من تونس، وما لبث أن أحرق دولاً وشعوباً وحكومات.. وما النار إلا صغائر الشرر!
وفي هذه المرحلة التي وضع فيها الجنديان السعودي والإماراتي روحيهما على أكفهما وأقسما على النصر معاً أو الموت معاً في ساحات الوغى، وتعاهد القادة على وحدة المصير والذود عن الحدود وعزة الشعوب، لا يسعنا إلا أن نقتدي بهذه الروح العالية من التآخي والتآزر، لكي نتصدى لكل باغٍ وجائر، وندفع كل مؤامرة تستهدف وحدتنا وننبذ كل متربص يسعى للمساس بتلاحمنا وهدم علاقتنا المتينة.. فنحن اليوم في مواجهة حرب فعلية في ميادين القتال، وحرب معنوية تستهدف مشاعرنا وتقتنص الفرص لتحطيم جسور التواصل والود بيننا، وهذا التأجيج قد يأتي على شكل تفسير خبيث لتغريدة قابلة للتأويلات، أو تجييش ضد جملة قيلت في مناسبة وحورت أو اجتُزئت لمعاني أخرى. وهنا أشدد على توخِّي الحذر بين الأشقاء -كما نحن دائماً- وعلى تجاوز الترهات التي يختلقها أو يلفّقها المتربصون وأعداء استقرار العلاقات بين دول الجوار ومن لؤماء إعلام الأحزاب والجماعات المعادية لبلدينا، والتي كانت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من أوائل وأشجع الدول التي نبذتها وأدرجتها على قوائم الإرهاب، الأمر الذي أجج أحقادها وأحقاد داعميها!
ليس مطلوباً من الشعبين السعودي والإماراتي سوى تجاهل التفاهات وتجاوز التأويلات لبعض التغريدات حمّالة الأوجه ولو صدرت من شخص أو اثنين أو حتى عشرة؛ فشعوبنا أكبر وأعظم من التوقف عند الترهات التي إن لم تضر فلن تنفع، وإن لم تخلق فجوة فلن تعلي صرحاً تاريخياً قوياً من العلاقات المتينة بعد هدمه.. لذا فالأجدى أن نحرص على استمرار وحدة كلمتنا وتراص صفوفنا في المنشط وفي المكره، في السلم وفي الحرب، ولنضرب للعالم بأسره أنصع مثل للأخوّة والود والمحبة بين دولتين عظيمتين بشهامة حكامهما ومروءة شعبيهما. وليعلم كل إماراتي وكل سعودي أنهما يحظيان بعلاقة متميزة لم تصنعها الظروف من هباء، بل نسجتها المحبة والود والتآخي وتاريخ ناصع من المواقف التاريخية العظيمة!

*كاتبة سعودية