حقق الرئيس السلفادوري «نجيب أبو كيلة» فوزاً حاسماً في انتخابات الأسبوع الماضي، على الرغم من أن اسمه لم يكن حتى على سجلات الاقتراع. وقد أعطى الدعم القوي لحزبه، «الأفكار الجديدة»، في انتخابات التجديد النصفي في 28 فبراير الماضي، ختم الموافقة على رئاسته. ويسمح هذا الدعم للحزب بتأكيد مرشحي أبو كيلة للمناصب الرئيسية في مكتب المدعي العام المستقل والمحكمة العليا. ويمكن للحزب أيضاً أن يدفع باتجاه خطوات مثيرة للجدل مثل إلغاء حدود الفترة الرئاسية. ومن خلال احتمالية الحصول على أغلبية ساحقة بالتحالف مع حزب أصغر، أثار توطيد حزب «الأفكار الجديدة» مخاوف بشأن تآكل الضوابط المفروضة على السلطة الرئاسية، وهو ما تتحسب له الولايات المتحدة الأميركية صاحبة النفوذ الخارجي الأكبر في أميركا اللاتينية.
في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، استخدمت الولايات المتحدة مساعدات التنمية كحافز لحكومات أميركا الوسطى لقمع الهجرة بأي ثمن. ووجدت الولايات المتحدة في قيادة أبو كيلة شريكاً مقبولاً. والآن، تقول إدارة بايدن إنها تريد مساعدة حكومات أميركا الوسطى على تعزيز الديمقراطية ومحاربة الفساد من أجل معالجة الأسباب الجذرية للهجرة.
ولا تعد قوة أبو كيلة التي تم ترسيخها حديثاً هي العقبة الأولى في جهود إدارة بايدن لاتباع سياسة خارجية قائمة على القيم. ويمكن القول: إن الرئيس جو بايدن سيجد مهمته صعبةً للغاية في أميركا الوسطى، حيث يحتفظ بعض الرؤساء بالسلطة في انتخابات متنازع عليها وغير نظامية، أو بالكاد يقومون بتحركات لمكافحة الفساد.
وتمثل السلفادور التحدي الفريد لرئيس يتمتع بشعبية كبيرة وتنتقده مجموعات مثل «هيومن رايتس ووتش» بسبب مخاوف من أنه يضع البلاد على طريق الدكتاتورية. يتمتع أبو كيلة بواحد من أعلى معدلات التأييد لأي رئيس في أميركا اللاتينية، بنسبة تزيد على 71%، وهو أيضاً أصغر قائد، إذ يبلغ من العمر 39 عاماً فقط.
ويقول «كارلوس موريسيو هيرنانديز»، أستاذ العلوم السياسية في جامعة خوسيه سيمون كاناس في العاصمة سان سلفادور: «لن أتفاجأ إذا شهدنا صداماً بين الرئيسين أبو كيلة وبايدن. سيتعين على بايدن أن يجد طرقاً لبقة لتشجيع احترام أبو كيلة للمؤسسات والشفافية دون إثارة أعصابه خوفاً من التعرض للهجوم». ويضيف البروفيسور هيرنانديز: «هذا هو التحدي الكبير للولايات المتحدة في الوقت الحالي. للتواصل مع زعيم يفكر ويتصرف مثل الرئيس ترامب الذي يؤكد على الشخصية والعلاقات الشخصية، أكثر من الرئيس بايدن الذي يركز بشكل أكبر على المؤسسات».
ويعتقد البعض أنه من السابق لأوانه القول كيف سيستخدم أبو كيلة، الذي فاز بالرئاسة في فبراير 2019، سلطته المعززة. يقول «باتريسيو نافيا»، الأستاذ المساعد في مركز دراسات أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي بجامعة نيويورك: «قد يختار احترام القواعد».
ويذكر أن أبو كيلة فاز في منصبه متعهداً بإنقاذ السلفادور من عنف العصابات المنتشر والفساد المنهجي الذي تكرسه الحكومات اليمينية واليسارية على حد سواء. لقد اعتمد بشدة على وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال رسالته. حصل على الدعم من خلال استجابته السريعة والموثوقة لـ«كوفيد-19».
وحتى انتخابات الأسبوع الماضي، كان المجلس التشريعي في السلفادور يسيطر عليه حزبان تقليديان كانا يعرقلان أجندة أبو كيلة باستمرار. يقول البروفيسور نافْيَا: «لم تكن لديه الأدوات أو القدرة على التفاوض مع تلك الأحزاب، لذا كانت هناك مواجهة سياسية».
وأدى هذا المأزق إلى تحركات مثيرة للجدل، مثل نشر أبو كيلة الجيش عند الجمعية التشريعية في فبراير 2020 للضغط على صانعي السياسة للموافقة على قرض دولي.
وفي دولة عانت من تاريخ طويل من الديكتاتوريات وحرب أهلية استمرت 12 عاماً، فإن التأييد الشعبي لوضع السلطة بالكامل تقريباً في يدي رئيس هو أمر مربك بالنسبة للبعض.
لكن «جيمي ألفارادو»، الصحفي في الموقع الإخباري المستقل الرائد في السلفادور «الفارو»، يقول إن هذا الدعم ينبع من سجل حافل بالفساد والإخفاقات من جانب القادة المنتخبين منذ اتفاقات السلام لعام 1992 التي بشرت بالديمقراطية.
وتؤكد هذه التعليقات ليس فقط التأثير الخطير لجرائم العنف على العديد من المجتمعات في السلفادور اليوم، ولكن أيضاً على عدم الإيمان بالديمقراطية لتحسين حياة المواطنين العاديين. يقول ألفارادو: «لا يوجد قدر كافٍ من القيمة المجتمعية للديمقراطية»، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه «لم يكن هناك الكثير لإلقاء الضوء على الأشياء الإيجابية التي جلبتها الديمقراطية» إلى البلاد.
وسيكون «التحدي الكبير» لإدارة بايدن هو «إنجاز كل الأشياء التي تريد القيام بها فيما يتعلق بمعالجة الأسباب الجذرية للهجرة»، وفي نفس «الوقت الحفاظ على مبادئ الحكم الديمقراطي في الصدارة»، كما تقول «سينثيا أرنسون»، مديرة برنامج أميركا اللاتينية في مركز ويلسون.
يتفق المحللون على أن هناك خطوات ملموسة يمكن أن يتخذها بايدن لبدء بناء علاقات أقوى مع السلفادور وإعطاء الأولوية لأهمية الديمقراطية، أولها تعيين دبلوماسي أميركي ليحل محل أحد المعينين من قبل ترامب، والذي غادر في يناير الماضي.
هناك أيضاً حاجة للتعامل مع أبو كيلة دون انتقاده. يجب أن تدعم الولايات المتحدة السياسات ذات الشعبية بين السلفادوريين. وبهذه الطريقة سيكون لدى أبو كيلة المزيد من الحوافز لدعم هذه السياسات أيضاً.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»