لقد تحولت المشاركة العالمية في مواجهة الأوبئة والكوارث والإرهاب والأزمات الاقتصادية من التزام تؤديه الأمم تجاه بعضها بعضاً، وخاصة الغنية، إلى مورد اقتصادي واجتماعي بالمعنى الحرفي لكلمة ثروة أو مال. لأنه، وبوضوح وبداهة، استطاعت الأمم التي التزمت حياداً إيجابياً أو تعاوناً عالمياً، والمساهمة في دبلوماسية الإغاثة والتنمية العالمية، أن تنشئ حالة راسخة من الاستقرار الوطني والعالمي، وأن تجتذب إقبالا سياحياً واستثمارياً وتجاوباً من الشركات والدول والمنظمات العالمية في مواجهة التزامات وتحديات جديدة غير مسبوقة تواجه العالم، إذ أصابت الجائحة منظومات الأمم الاقتصادية والمؤسسية والتنظيمية بالضرر وعطلت جزءاً كبيراً منها، ولحق الشلل والعجز بكثير من المؤسسات والمرافق التقليدية.
لكن الأمم التي امتلكت الوعي واليقظة والإرادة الصادقة للإصلاح والمواجهة، التقطت اللحظات والفرص التي ظهرت، وتعرّفت على الثغرات في جدار الأزمة، ومنها على سبيل المثال تقديم لقاحات وأدوية ضد المرض لجميع المواطنين والمقيمين، كما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة. وهذا الإنجاز ليس مرده فقط إلى قدرات مالية واقتصادية، فمعظم إن لم يكن جميع دول العالم مستعدة لتدفع ثمن اللقاحات، ولكن أيضاً بفضل الرصيد المتراكم لدولة الإمارات من المشاركة والصداقات والدبلوماسية العالمية في بناء قيم التسامح والاعتدال والتصدي للفقر والإرهاب. 
ويؤشر تقرير البنك الدولي عن التنمية إلى مجموعة من الاستراتيجيات العالمية والوطنية في مواجهة الأزمة الصحية العالمية، مثل توظيف الخبرات والرؤى المتبصرة، من أجل تحسين الإنتاج الاقتصادي والخدمات والمرافق الأساسية، والنهوض بالمعارف والبحوث والبيانات من أجل التنمية، ومساندة وتنمية البلدان من خلال أسواق رأس المال، وبناء الشراكات لتعزير الأثر الإنمائي. 
وكان الدرس الأول والبديهي للعالم هو تحسين العمليات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لأجل التغيير الإيجابي في النمو الاقتصادي والحريات، وتوزيع منافع التنمية والموارد المتاحة بعدالة وكفاءة على الناس والاحتياجات والأولويات، وسد الفجوة في رأس المال البشري بسبب التغير الكبير الذي أصاب الأعمال والمهارات المطلوبة للأسواق والمهن والحرف. 
ومن أهم الأولويات التي تتشكل اليوم وتؤثر بعمق في سياسات التنمية والإنفاق العام، هي التوجه بقوة وكثافة بشرية واجتماعية واقتصادية إلى الزراعة والصناعات الغذائية، ليكون في مقدور المزارعين في جميع أنحاء العالم توفير الغذاء لجميع الناس، وهذا يقتضي بالضرورة أن يكون المزارعون في مستوى اقتصادي واجتماعي يمكنهم بالإضافة إلى الحصول على حياة كريمة ولائقة من أن يشاركوا العالم اجتماعياً وثقافياً بقدر أهميتهم وضرورتهم في حياة الناس ووجودهم ومصيرهم. وأن تتحول المناطق الزراعية إلى مجتمعات متقدمة ثقافياً وعلمياً تشجع على الإقامة فيها، وتجعلها جاذبة للشباب الأذكياء والمتحمسين. وبذلك فقط يمكن تطوير الزراعة واستيعاب التقنيات والعلوم الزراعية، ولا تظل عملا شاقاً منفِّراً للناس والأجيال. 
وفي تفاعل الجائحة مع التغيرات المناخية وسياسات اجتماعية واقتصادية متراكمة حول عدم المساواة، بل وتحولها إلى أمر واقع وراسخ تنشأ في ظله أجيال متعاقبة، تبين أنه لا يمكن النجاة من الوباء من غير مساواة منصفة لجميع الناس تجعل كل فرد في المجتمع ذاتاً فاعلة ومسؤولة ومشاركة في العمل والتنمية والصحة العامة، إذ لا ينجح تكريس اتجاهات صحية وغذائية صحيحة وملائمة من غير كرامة وانتماء وسلام ووفرة اقتصادية. فلا يمكن مطالبة الفقراء والمهمشين بالمشاركة العامة والمسؤولية الاجتماعية.