انطلق قطار السلام الذي قادته الإمارات وإسرائيل نحو تحقيق عالم أفضل، وضمان أمن شعوب المنطقة وتحقيق السلام العادل للجميع على أسس ثابتة، هذا السلام الذي لا بد أن يتبلور قريباً، ولكي يتحقق ذلك لا بد أن تتطور وتكتمل العلاقات، وتطبق بنود اتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل، وأن تتوج بلقاء يضم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث إن هذا اللقاء هو دفع لعملية السلام وللاتفاقيات التي تم التوقيع عليها ببنودها المتنوعة الشاملة، التي لها منفعة للدولتين ولشعوب المنطقة. وهنا تبرز أهمية اللقاءات على أعلى مستويات لدراسة آلية تنفيذ بنود الاتفاقية، والتي لها أدوار كبيرة في تحقيق منجزات لشعوب منطقة الشرق الأوسط، وكذلك نشر قيم السلام ودفع عملية السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
السلام مع إسرائيل فيه جزء مهم للغاية، وهو يتعلق بتطوير العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل، بما يخدم السلام الدائم وتعزيز ثقافة العيش المشترك، فعندما يلتقي قادة البلدين تعلم الشعوب أن اتجاه المركب سائر نحو تطبيق ما جاء في المؤتمرات الصحفية واللقاءات المشتركة السابقة، فالمعاهدة ليست حبراً على ورق، بل فيها بنود يجب تطبيقها، فالخطوط العريضة وضعت لكن التنفيذ وتطوير العلاقات يجب أن يتم من رأس الهرم في كل الدولتين، حيث ستكون الرسائل واضحة للجميع، بأننا في قرن جديد ودروب جديدة، فحالة العداء لم تأت بنتائج عملية، لكن حالة السلام بشائرها واضحة، ولا بد أن تكون مثمرة.
ومن المتوقع أن يتم وضع خطط قابلة للتنفيذ وبحث آلية التطبيق، وربما طرح أفكار جديدة مبتكرة، والبحث في تطبيق بنود المعاهدة، حيث جاء في المادة الخامسة أنه يجب أن يبرم الجانبان اتفاقيات في مجالات عدة مثل التمويل والاستثمار والطيران والسفر والسياحة وتطوير العلاقات الاقتصادية والابتكار، وبكل تأكيد في مجال العلم والرعاية الصحية والأمن الغذائي والمياه والطاقة وحتى في مجال التعاون القانوني، والكثير غير ذلك مما يحتاج إلى آلية واضحة ومحكمة في التطبيق السليم وفق خطط زمنية واضحة، فالإمارات بلد عمل والتزام.
الإمارات طرحت نفسها كلاعب دولي موثوق، وبما أنها استطاعت أن تحقق سلاماً محكماً وقائماً على المصالح المشتركة المتبادلة، فلا بد أن تحقق موثوقية لدى الجانب الإسرائيلي والفلسطيني، فالإمارات لم تستثن فلسطين من بنود السلام الخاصة بها، بل أفردت حيزاً كبيراً تتكلم فيه عن حقوق الشعب الفلسطيني، حيث كان أبرز شروطها إيقاف ضم الأراضي لإسرائيل، والتأكيد على الالتزام بتحقيق حل تفاوضي للصراع العربي الإسرائيلي يبني الاستقرار والازدهار، ولم لا يجرَّب الوسيط الإماراتي الذي يحظى بثقة الطرفين، فجميع الوسطاء الآخرين فشلوا ولم ينجحوا في تطبيق السلام ودفع العملية السلمية حتى الآن.
ومن المؤكد أنه خلال الزيارة أيضاً لا بد من بحث شؤون الاستقرار في الشرق الأوسط ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وآلية كبح طموحها النووي، وهذه ملفات مهمة للغاية لا بد من بحثها، خاصة في ظل ما يشهده العالم من توتر إثر تطورات الملف النووي. وكذلك بحث ملفات مهمة أخرى في ذات السياق مثل ملف اليمن وليبيا وسوريا واليمن، حيث تجد آثاراً للتدخلات الإيرانية التي أصبحت مثار قلق دولي وليس في المنطقة فحسب.
وخلاصة القول هي أن ما تسعى له الإمارات هو رؤية مستقبلية لا بد أن تعزَّز، فهي رؤية لشعوب المنطقة ككل؛ فمن خلال السلام والتعايش والحوار يمكن تحقيق المستحيل، وبناء منطقة شرق أوسطية مسالمة ومزدهرة.

*كاتب إماراتي