كان اختيار الثامن من مارس كيوم للمرأة، له خلفيته التاريخية المتعلقة بحدث محدد وهو خروج متظاهرات في نيويورك عام 1908 احتجاجاً على ظروف العمل السيئة في معامل النسيج، وحملن معهن الخبز اليابس والورود.
حسناً، إنه من الجيد أن نتذكر المناسبة ضمن سياقها الحقيقي حول ظروف المرأة في الدول والمجتمعات والحواضن التي تضطهدها وتقسو عليها كإنسان.
لكن على المستوى الشخصي، فأنا ممتن كثيراً لزمن معاصر أعيشه، تغيرت فيه أحوال المرأة لتستعيد فيه الاعتراف الحقيقي والمنطقي بسموها الإنساني، شريكاً للرجل في الإنسانية.
لست معنياً بأي احتفالية خاصة في هذا اليوم، فأنا أعيش احتفاليتي كإنسان كل مرة ألتقي فيها من أعرف من سيدات ونساء أتعلم منهن وأشاركهن المعرفة والخبرة والمهنة والحياة.
الأسماء كثيرة في بالي، وهن موجودات في تفاصيل حياتي المهنية والشخصية، ومنهن أتعلم الكثير في كل المستويات المهنية والشخصية.
لكن على الصعيد الشخصي، فأنا منذ هاجرت، تعلمت أن زوجتي هي نصفي الأفضل، لا لشيء إلا لأنها التي أستند إليها عند كل اهتزاز، فتسندني بثقة.
حياتي بتفاصيلها اليومية أعتبرها احتفالاً بالمرأة، بلا فذلكات ولا خطب إنشائية، فمثلاً، أنا غالباً أركب السيارة بجانب السائق. فزوجتي هي التي تقود السيارة عادة؛ لأن قيادتها أفضل من قيادتي ألف مرة، وهذا لا يقتصر على السيارة، فأنا وهي نعمل، لكن إدارة الفواتير جميعها ومصاريف الأسرة، بما فيها مصاريفي، بقيادتها هي تحديداً، لأنها تتقن اللغة الهولندية ببساطة، وهي تتقن أربع لغات أخرى بامتياز.
أعمال المطبخ هي مناصفة بيني وبينها، وهو ما يجعل المطبخ نفسه ساحة للمبادرات الأفضل بيننا، لا ساحة تنافس «جندري». عندي - كعقد مركبة شخصية- حالات نزق، بسبب رواسب موروثات اجتماعية غبية حملتها معي حين هاجرت، وحالات النزق تلك تخرج على شكل انفعالات أحياناً، ولدى نصفي الأفضل من الحكمة ما يكفي لاحتوائها، والذكاء الناعم بما يكفي لمواجهتي بحماقتي وغباء تلك المورثات.
في بعض دول مشرقنا الذي لا يزال «نزقاً» ولديه تعقيدات مركّبة، لا يزال اسم المرأة نفسه عورة، ولا يزال الرجل يستحي من اسم أي أنثى متصلة به، فيضع على دعوات الزفاف كلمة «كريمته» بدلاً من اسمها الصريح، فلا هي بذلك كريمة ولا مكرمة، والويل لمن يذكر اسم «الأم» بين الأقران، حتى لو كانوا أطفالاً، مما يجعلهم يرثون صفات «سي السيد» ويكبرون معها وتكبر فيهم.
والمصادفات الحلوة في الحياة جعلت اسم نصفي الأفضل هو نفس اسم والدتي: ليلى. مما يجعل اعتزازي بالاسم مضاعفاً. ( كانت أمي هي أول من علمني اللغة الإنجليزية في أول سنوات طفولتي، اللغة التي كانت مفتاح نجاحي في كثير من مفاصل حياتي).
في المحصلة ومن حاصل جمع تجربتي الشخصية في الحياة: أنا و«ليلى» نمشي جنباً إلى جنب، وبحكم تفوقها اللغوي في الوطن الجديد، أنا بالضرورة أمشي خلفها أحياناً. إن التهنئة الوحيدة التي أوجهها في اليوم الذي حلّ قبل 3 أيام، تهنئتي للمرأة الأنيقة. فالسيدات الأنيقات، هن التوازن الوحيد المطلوب في فوضى هذا الكوكب.
كل عام، ونحن معكن وبكن جميعاً بخير.
* كاتب أردني مقيم في بلجيكا