في النهاية أصبح طريق الاتحاد الأفريقي لكرة القدم سالكاً، لانتخاب قيادة جديدة، لا أشواك ولا مطبات فيه، فقد نجح «بروتوكول الرباط» في تخليص الاستحقاق الانتخابي للهيئة الوصية على كرة القدم الأفريقية من تجاذبات وهلوسات، وعلى الخصوص من تجارة الأصوات التي تنشط عادة في مشهد انتخابي لا يحصل بداخله لا الوفاق ولا الاتفاق، وقد استقر الرأي على أن يتقدم للانتخابات التي ستشهدها الجمعية العمومية للاتحاد الأفريقي بالمغرب مرشح واحد ووحيد، هو الجنوب أفريقي باتريس موتسيبي المالك لنادي ماميلودي صن داونز، والمحشور في زمرة العشرة الأكثر غنى في القارة الأفريقية..
مؤسف حقاً أن نتحدث اليوم، وقد كسبت كثير من المؤسسات الرياضية الكبرى حول العالم رهان تجويد الحوكمة، وتقدمت خطوات على درب إحلال الأنماط المتقدمة في التدبير، ونجحت في تحصين استقلالية القرار، عن مشهد انتخابي مختنق بأدخنة التربيطات، ومليء بالمتفجرات، تستباح فيه كل قيم النزاهة الفكرية والرياضية، ومؤسف أيضاً أن يكون الاتحاد الإفريقي لكرة القدم إلى اليوم واقعاً تحت مؤثرات خارجية تسلبه القدرة على صناعة قراراته وحسم مصيره، فقد كان ضرورياً أن يصبح جياني إنفانتينو رئيس «الفيفا» ضالعاً في هندسة مخارج الإغاثة، التي فرضها وجود أربعة متنافسين على منصب رئيس الاتحاد الأفريقي، وفي تمكين الكونجرس الأفريقي من عبور آمن وخال من مطبات الانتخابات.
وبرغم أن ظاهر الأشياء وحتى جوهر الحوكمة يعيبان مثل هذا التدخل في تقرير مصير الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، ويعارضان مثل حال الكثير من الأصوات التي ارتفعت محتجة، توغل رئيس «الفيفا» في المعترك الانتخابي، إلا أن عمق الأشياء ودرجات الهشاشة التي بلغها الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، واستحالة الخروج من المطب الانتخابي من دون فواتير ثقيلة، يجعلون من تدخل إنفانتينو وكل حكماء أفريقيا أمراً ضرورياً لتجنب الاحتقان، وللخروج من الكونجرس باتحاد أفريقي متحد وقوي، قادر على رفع كل التحديات.
بالقطع، لا يقف «بروتوكول الرباط»، عند مجرد الالتفاف حول باتريس موتسيبي مرشحاً وحيداً ومقايضة الثلاثة المنسحبين، الموريتاني أحمد ولد يحيى، والسنغالي أوجستين سنجور، والإيفواري جاك أنوما، بمناصب نافذة في اللجنة التنفيذية، ولكن يتعداه إلى الالتزام بميثاق عمل جماعي، جوهره استراتيجية تروم النهوض بكرة القدم الأفريقية، والارتفاع بها من الرداءات والهشاشات التي أصابتها منذ زمن ليس بالقريب، وأنتجت ما نشاهده بأم العين من ضعف في صناعة القرارات، وعجز عن مقاومة جيوب الفساد، وعدم قدرة على درء المفاسد التنظيمية ومجابهة الأزمات المالية.
أما الغاية الأخرى لهذه الإستراتيجية، فهي تلقيح الاتحاد الأفريقي لكرة القدم كمؤسسة، ضد وباء الارتجال والتخبط، ومنحه القدرة على صناعة قراراته، وتقرير مصيره من دون وصاية أو إملاءات، وكفى الأفارقة شر الاقتتال على المناصب.