تحت شعار «اختاري التحدي» تنطلق اليوم، الثامن من مارس، حملة اليوم العالمي للمرأة في دعوة عامة لتحدي عدم المساواة في المجتمعات الإنسانية، وفي دعوة لرفض التحيز ومناهضة اللامساواة، وقبل ذلك، الاحتفال بالإنجازات الشخصية والجماعية للمرأة، خاصة في ظل التحديات الاستثنائية لجائحة «كوفيد-19» التي أبرزت مركزية جهود النساء على مستوى المجتمع والأسرة وأدوارهن في التصدي للجائحة، سواء على الخطوط الأمامية كعاملات في الرعاية الصحية والاجتماعية، أو كناشطات اجتماعيات، أو حتى في مواجهة الأعباء التي فرضتها ظروف الحجر المنزلي التي ضاعفت الأعمال المنزلية والأسرية على كاهل المرأة. 
وبعيداً عن الشعارات والخطب الرنانة، وفي ظل التحديات التي فرضتها الجائحة، جاءت فكرة حملة هذا العام وهي «اختاري التحدي»، لتركز على فكرة بسيطة في شكلها عميقة في مضمونها، ألا وهي أننا جميعاً يمكننا المساهمة في دعم المرأة بأن نختار تحدي وإدانة وفضح التحيزات المبنية على أساس الجندر (النوع) وعدم المساواة.. فجميعنا يمكن أن نختار التغيير على المستوى الفردي بطرح الأسئلة الصحيحة وتغيير طريقة تصرفنا واختبار تحيزاتنا الشخصية. وفي سبيل نشر الفكرة على وسائل التواصل الاجتماعي، يطُلب من المشاركين في دعم الحملة «رفع الأيادي عالياً لإظهار أنك مع الحملة، وأنك ملتزم باختيار التحدي ورفض عدم المساواة»، ونشر الصور الداعمة في وسائل التواصل الاجتماعي. ومن التغيير الشخصي، يأتي دور المجموعات من منظمات وجمعيات، لطرح مفهوم التغيير وتحدي الأطر المجتمعية، خاصة في ظل الحقائق التي أفرزتها جائحة كورونا ووثّقتها تقارير وبيانات منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وخلاصتها أنه بعد مرور كل هذه الأعوام من الاحتفال السنوي باليوم العالمي للمرأة على المستوى الدولي، أحدث فيروس كورونا قفزة للخلف في أوضاع المرأة في العديد من المجتمعات، إذ أضاف الوباء أعباءً إضافية إلى أعبائها القائمة أصلاً في تلك المجتمعات. وتشير تقارير أممية إلى أن جائحة كورونا «يمكن أن تقضي على 25 عاماً من العمل المتزايد من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين، إذ تقوم النساء بقدر أكبر من الأعمال المنزلية والرعاية الأسرية»، كما أن «الوباء يمكن أن يؤثر على فرص العمل والتعليم بالنسبة للنساء».
ورغم التقدم الحاصل، فإنه ينبغي الإقرار بصعوبة قيادة التغيير المجتمعي وتحدي الوضع الراهن، فإحداث التغيير الثقافي في المجتمعات يتطلب تراكمات معرفية وتغييرات اجتماعية واقتصادية، وقد تدفع أزمة مثل جائحة كورونا الحالية ببعض المجتمعات وبأوضاع المرأة فيها عبر قفزات إلى الخلف، وهو ما لا ينبغي السماح به. فبالتضامن المجتمعي العالمي وتعظيم إنجازات المرأة، الفردية والمجتمعية، يمكننا جميعاً إحداث التغيير عبر الاحتفاء بما حققته النساء، ومن خلال عدم السماح بالتدهور في أوضاع المرأة وعدم العودة عن سنوات من التقدم التشريعي والقانوني الداعم لمركز المرأة في دول العالم على اختلافها. 
ومن حراك عمالي إلى حركة عالمية احتفائية بالمرأة، يحتفل العالم بالمرأة تحت شعارات مختلفة وفي ظل مبادرات وإجراءات وقوانين تُظهِر الالتزام بدعم المرأة في المجتمعات المختلفة. وفي يوم المرأة العالمي، لنرفع أيدينا عالياً ولنتحدى عدم المساواة، ولنرفض كل القوالب النمطية التي تنتقص من مكانة المرأة، ولنخرج من بؤر التحيزات الجنسية.. على أمل الانتقال نحو عالم المساواة والعدالة الاجتماعية.