تُعد الهند والإمارات العربية المتحدة من بين مجموعة صغيرة من البلدان التي كانت لديها مهمات فضائية نجحت في الدخول إلى مدار كوكب المريخ. 
ففي مايو 2014، أطلقت «منظمة أبحاث الفضاء الهندية»، التي تشغّل أكثر من 17 ألف موظف، مركبة فضائية إلى المريخ، لتصبح بذلك أول دولة في آسيا تصل إلى الكوكب الأحمر بعد محاولة أجرتها الصين ولم تحرز نجاحاً. وكلف المسبار الهندي حوالي 70 مليون دولار، مقارنة مع الـ671 مليون دولار التي أنفقتها وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» على مركبتها الفضائية «مايفن». 
وعلى غرار الإمارات العربية المتحدة، وسّعت الهند أيضاً برنامجها الفضائي ليشمل مهام استكشاف الفضاء، إذ انتقل برنامج الفضاء الهندي الطموح من تحسين أنظمة الملاحة باستخدام الأقمار الاصطناعية وتطبيقات الاستشعار عن بعد مثل توقعات حالة الجو إلى استكشاف الفضاء. وقد جعلت مهمة 2014 الفضائية إلى المريخ من الهند أول دولة في آسيا تصل إلى الكوكب الأحمر. واليوم، حققت الإمارات العربية المتحدة أيضاً إنجازاً مهماً مع إرسال مهمة «مسبار الأمل» لأولى صورها للمريخ. وكانت المركبة الفضائية دخلت إلى مدار الكوكب الأحمر يوم التاسع من فبراير، ما جعل من الإمارات أول دولة عربية في التاريخ تصل إلى المريخ. 
غير أن الهند والإمارات لديهما أيضاً قاسم مشترك آخر. ويتعلق الأمر بعدد النساء اللاتي يعملن في برنامج الفضاء. فمما يثلج الصدر حقاً رؤية النساء يشكلن الأغلبية الساحقة من فرق مهمة المريخ. ذلك أن 80 في المئة تقريبا من الفرق العلمية تتألف من نساء. كما أن مهمة «مسبار الأمل» الإماراتية تقودها امرأة. فقد حققت المهندسة سارة يوسف الأميري التميز كونها أول امرأة عربية تقود جهود بلدها في استكشاف الفضاء، ما شكّل شيئاً جديداً ومختلفاً تماماً للعالم وأبرز الخطوات الكبيرة التي قامت بها النساء في الإمارات العربية المتحدة. وفضلاً عن ذلك، فإن مهمة المريخ، التي كانت موضوع اهتمام دولي كبير، غيّرت أيضاً التصورات حول البلد الخليجي بخصوص النساء في مكان العمل. 
وبالمثل، جذبت مهمة الهند الفضائية انتباه العالم لجهة عدد النساء اللاتي كن جزءا من الفريق. فالهند كانت تعاني مشكلة الإبقاء على النساء في مكان العمل؛ ولكن مهمة المريخ الهندية أظهرت الجانب العصري لبلد كثيرا ما كان يُنظر إليه على أنه بطريركي في عدة أجزاء من البلاد. فقد كشفت «منظمة أبحاث الفضائية الهندية» أن العديد من العالمات عملن ضمن مهمة المريخ الهندية وكنّ في غرفة التحكم خلال عملية الإطلاق. العالمات في المنظمة قمن بمهام مختلفة، من صنع الأدوات العلمية واختبارها إلى الإشراف على عمليات المهمة، وحساب مسار المركبة الفضائية إلى المريخ، وابتكار البرنامج الحاسوبي لرصد أي مشاكل ممكنة.
ومن بين النساء اللاتي لعبن دوراً مهماً في مهمة المريخ الهندية هناك رويتو كندهال، التي تشارك أيضا في مهمة المريخ الثانية التي تخطط الهند لإطلاقها. ثم هناك أيضاً نانديني، وهي مديرة المشروع ومصممة المهمة ومديرة العمليات في مهمة المريخ الهندية. ومن بين النساء أيضاً «أنورادها»، التي تشغل حالياً منصب مديرة مشروع بالمنظمة مسؤولية عن الأقمار الاصطناعية الخاصة بالاتصالات. وبالتالي، فمن الواضح أن النساء يلعبن دوراً أساسياً في برنامج الفضاء في البلدين. وهذا يمثّل أيضاً دليلاً على مدى التقدم الذي حققته النساء في كلا البلدين. 
غير أنه ما زال أمام الهند طريق طويل لتقطعه بخصوص وجود النساء في مكان العمل، وخاصة أن وباء كورونا أثّر على مشاركة العمالة النسوية الحضرية في الهند، والتي انخفضت إلى أدنى مستوياتها، وفق بيانات حديثة. وقد أعلن «مركز مراقبة الاقتصاد الهندي» أن هذا الاتجاه جاء مخالفاً للتوقعات على اعتبار أن النساء الحضريات أحسن تعلماً ولديهن فرص أحسن مقارنة مع نساء الأرياف. إذ انخفضت مشاركة العمالة النسائية الحضرية في الهند إلى أدنى مستوى لها منذ 2016 -- 6,9 في المئة في نوفمبر. وهذا يعني أن الوباء عمّق أزمة موجودة تتمثل في ارتفاع بطالة النساء في بلد يكافح من أجل الإبقاء على النساء في وظائفهن. كما تُظهر البيانات أن النساء الأصغر سناً هن الأكثر تضرراً. وفي 2019-2020، بلغ معدل مشاركة العمالة النسائية بين النساء الحضريات في الهند 9,7 في المئة مقابل 11,3 في المئة بين نساء الأرياف. هذا علماً أن لدى الهند أدنى معدلات بخصوص مشاركة القوة العاملة النسائية، وفق منظمة العمل الدولية. وتُعد قلة خيارات رعاية الأطفال أو نقصها، والإعاقة الجسدية، ومشاكل السلامة.. بعضاً من المشاكل التي تقف وراء المشاركة المنخفضة للنساء. 
غير أن برنامج الفضاء يعطي مؤشراً على المستويات التي تستطيع النساء بلوغها وعلى إمكانية كسر «الحاجز الزجاجي» الذي يحول دون تحقيق المساواة للنساء. كما أن الإمارات العربية المتحدة شكّلت نموذجاً في ما يتعلق بوجود النساء في مكان العمل. ذلك أن النساء في الإمارات يشكّلن 66 في المئة من العاملين في القطاع العام. كما أن النساء يشغلن 44 في المئة من المناصب القيادية في المؤسسات الحكومية الفيدرالية و30 في المئة من السلك الدبلوماسي الإماراتي. وبالتالي، فمن الواضح أن الإمارات رائدة في المساواة بين الجنسين وتشكّل قدوة في هذا الصدد، ليس لدول الخليج العربي فحسب، وإنما أيضا للبلدان العربية الأخرى. ولا شك أيضاً أن حضور النساء في مهمة المريخ البارزة يشكّل قدوة لبلدان أخرى في المساواة بين الجنسين.
* رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي