الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشركات الحكومية التونسية تحتاج إلى الدعم لتجاوز «كوفيد- 19»

طائرة تابعة للخطوط الجوية التونسية (أرشيفية)
3 مارس 2021 20:39

تونس (أ ف ب) -تواجه الشركات الحكومية التونسية مصاعب بسبب تراكم الديون والخسائر وسط أعباء التوظيف العشوائي، في أزمة فاقمها تفشي وباء كوفيد- 19.
وتدير الحكومة التونسية 110 شركات تنشط في قطاعات النقل والصناعة والخدمات وغيرها. ولكن منذ عام 2011، لم يتماش الانتقال الاقتصادي مع الانتقال الديمقراطي في البلاد، بل تفاقمت أعباء هذه الشركات، خاصة «الخطوط الجوية» و«فسفاط قفصة» اللتين كانتا مصدراً مهماً للعملة الصعبة لخزائن الدولة.
وقال وزير النقل معز شقشوق في تصريحات إعلامية الأسبوع الماضي «اليوم نتحدث عن مخططات لإنقاذ (هذه الشركات) وليس لإصلاحها فقط».
خطط إصلاح
وتشغل مجموعة «الخطوط الجوية» نحو 8 آلاف موظف وتسيّر الشركة 27 طائرة، سبع منها فقط في طور الاستغلال. وفي خطوة للإصلاح وإعادة الهيكلة، عرضت الحكومات المتعاقبة ثلاثة مخططات إصلاح على مجالس وزارية منذ 2012 ولم تنفذ.
تراجع رقم معاملاتها خلال عام 2020 بنحو 70 في المئة (حوالي 340 مليون يورو) بسبب الجائحة، كما نزل عدد المسافرين إلى مستوى مليون مسافر وبذلك وصلت ديونها إلى 955 مليون دينار (292 مليون يورو).
من بين مقترحات الإصلاح تسريح 1200 موظف من مجموع ألفين على دفعات تم استقطابهم خلال العشر سنوات الفائتة، بهدف التخفيف من أعباء كتلة الأجور التي ناهزت 200 مليون دينار (61 مليون يورو) في العام 2020.

كرة الثلج
إلى ذلك، لم تتمكن شركة «فسفاط قفصة» المتخصصة في استخراج وتحويل مادة الفسفاط وتصديره، بلوغ مستويات الإنتاج التي كانت تحققها ما قبل 2011 والتي ناهزت 8.2 مليون طن عام 2010، وبلغت خلال السنوات العشر الفائتة نحو 4 ملايين طن كأقصى تقدير لعام 2017.
يعود سبب التراجع أساساً إلى توقف عمليات استخراج الفوسفات في منطقة الحوض المنجمي بمحافظة قفصة (وسط-غرب) بسبب الاحتجاجات والاعتصامات المطالبة بالتشغيل.
الشلل الذي أصاب هذا القطاع لم يكلف الدولة خسائر مالية فقط بل دفعها أيضاً وفي سابقة إلى اللجوء إلى استيراد هذه المادة من الجزائر في سبتمبر الفائت لأنها تستخدم كسماد أساسي في الزراعة. 
يعتبر وزير التجارة الأسبق والخبير الاقتصادي محسن حسن، أن التعيينات العشوائية التي تم إقرارها بعد 2011 في هذه المنشآت الحكومية تعكس «سوء حوكمة وسوء تصرف، وبذلك تزايدت المصاريف وتدحرجت ككرة الثلج من سنة إلى أخرى» في هاتين الشركتين.

حاولت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011 أن تلبي أحد أهم مطالب الاحتجاجات المتمثلة في التشغيل، وفتحت باب الانتدابات في المؤسسات الحكومية التي كانت رافعة لاقتصاد البلاد، مقابل ذلك تضمن ولو بشكل مؤقت سلماً اجتماعياً.
ويضيف حسن «شهد قطاع الفوسفات مسارا تراجيديا خلال بضع سنوات، تراجعت البلاد من التصنيف الخامس من بين أكبر الدول المنتجة إلى المركز 12 عالمياً» وخسرت أسواقاً.

إلى ذلك، يرى الخبير الاقتصادي حكيم بن حمودة أن الشركات الحكومية «كانت تعاني حتى قبل 2011، وأثر ذلك ومن منطلق أن الحكومة حاولت شراء السلم الاجتماعي عبر التوظيف في هذه الشركات، تفاقمت مشاكلها».
سياسياً، شهدت البلاد مخاضاً متواصلاً إذ تداولت تسع حكومات على السلطة ولم تعرف استقراراً على مستوى التسيير وظلت ملفات الإصلاح مفتوحة دون الشروع في خطوات التنفيذ.
يؤكد بن حمودة أنّ «غياب الاستمرارية في العمل الحكومي وعدم الاستقرار السياسي منذ الثورة من أهم العوامل التي تحول دون الإصلاح».
ومن بين أهم المؤشرات الدالة على تأزم الوضع داخل «الخطوط الجوية» أنه لم يتم تعيين رئيس مدير عام على رأسها منذ منتصف العام الفائت إلى حدود مطلع 2021 حين تولت ألفة الحامدي المهمة ليتم بعد شهرين إقالتها إثر خلاف حاد مع «الاتحاد العام التونسي للشغل» وبعدما قامت شركة تركية-فرنسية بتجميد حسابات الشركة تبعاً لقرار قضائي لأنها لم تسدد ديوناً متراكمة منذ مدة.

عقد اجتماعي
لجوء الحكومة إلى حلّ التوظيف في هذه المؤسسات لامتصاص غضب الشعب، سرعان ما قابلته دعوات متكررة من المانحين الدوليين بضرورة مراجعة هذه القرارات والإسراع بإصلاحات ضرورية للشركات.
ودعا رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى تونس كريس جيريجات الثلاثاء في مؤتمر صحفي السلطات التونسية إلى «التقليص من تحويلات الدعم للمؤسسات العمومية والتي تدار بسوء تصرف» بالإضافة إلى «إعداد استراتيجية للإصلاح». 
وأظهر تقرير تخفيض تصنيف ديون البلاد من قبل وكالة موديز مطلع الأسبوع الفائت من ب2 إلى ب3 وبآفاق سلبية، مضيفاً أن الضمانات التي تمنحها الدولة للشركات العمومية التي مثلت 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2020، تمثل «عامل خطر إضافياً».
يؤكد محسن حسن أن الخروج من الأزمة «يتطلب عقداً اجتماعياً جديداً يحدد التوجهات الاستراتيجية والاقتصادية للدولة ودورها للمحافظة على هذه المؤسسات»، بينما دعا بن حمودة إلى «إعلان حالة طوارئ اقتصادية».
لكن الوضعية السياسية الشائكة التي تمر بها البلاد قد تحول دون ذلك خاصة في ظل استمرار النزاع في قضية التعديل الحكومي المعلّق.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©