عندما وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة اقتصاد المعرفة نصب عينيها، وفقاً لما ورد في «رؤية الإمارات 2021»، و«مئوية الإمارات 2071»، فإنها كانت تدرك قيمة الاقتصاد المعرفي، وتكنولوجيا المعلومات والتقنيات الرقمية في تعزيز رفاه أفراد المجتمع، والتسهيل عليهم بالحصول على خدمات متنوعة تمكّنهم من إنجاز مهامهم المختلفة بسهولة ويسر. وحين ظهرت جائحة «كورونا» وتفشّت على المستوى العالمي، أدركت الدولة، أكثر من أي وقت مضى، أن التقنيات الرقمية باتت الوسيلة الأكثر جدوى في التعامل مع تداعيات الجائحة في المجالات والصعد الاجتماعية والاقتصادية للأفراد والسكان، والأداة الأكثر قدرة على تحقيق المستهدفات التنموية المستدامة.
هذه المنطلقات شددت عليها دولة الإمارات أخيراً، خلال بيان أدلت به سعادة حصة تهلك، وكيلة الوزارة المساعدة لشؤون التنمية الاجتماعية في وزارة تنمية المجتمع، أمام الدورة الـ59 للجنة الأمم المتحدة للتنمية الاجتماعية التي عقدت افتراضيّاً، تحت عنوان: «التحول الاجتماعي العادل نحو التنمية المستدامة: دور التقنيات الرقمية في التنمية الاجتماعية وتحقيق الرفاه للجميع»، إذ قالت: إن التقنيات الرقمية تلعب دوراً مهمّاً في مجال تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، بشرط سهولة الوصول إليها، وبأسعار معقولة، لضمان تحقيق أقصى قدر ممكن من الطموحات. هذا الشرط الذي تنظر دولة الإمارات إلى أهمية توافره، لضمان تحقيق طموحاتنا الرقمية بأقصى قدر ممكن، يحمل دلالات إنسانية عدّة: الأولى هي تأكيد مبدأ العدالة الاجتماعية التي يجب توافرها، كي يحصل الجميع على هذه التقنيات، ويتمكن من استخدامها. الثانية أن دولة الإمارات تعلم جيدًا أن هناك دولاً وفئاتٍ اجتماعيةً لا تمتلك إمكانية الحصول على التقنيات الرقمية، لصعوبة ظروفهما المعيشية، وضعف الإمدادات التقنية والشبكية اللازمة للحصول على تلك التقنيات، ما أثّر سلبيّاً في حصولهما على الخدمات الضرورية في قطاعات التعليم، والعمل، والصحة، وغيرها. أما عن الدلالة الثالثة، فإنها ترتبط بأولوياتها الرئيسية القائمة على تقوية البنى اللازمة لتعزيز الابتكار، ودعم التحول الرقمي، إذ أشارت «تهلك»، أمام لجنة الأمم المتحدة للتنمية الاجتماعية، إلى أن دولة الإمارات حققت إنجازات في هذا المجال، من خلال اعتماد «التقنيات الجديدة والناشئة كأساسٍ لنهجها التنموي، ولتعزيز التنمية الاجتماعية والبشرية للجميع، وتحسين نوعية الحياة، وخلق بيئة أعمال لم يسبق لها مثيل، وضعتها في مكانة رائدة، حتى قبل انتشار الجائحة»، إضافة إلى «احتضان المبتكرين والمفكرين المبدعين، لتحفيزهم على تطوير معارفهم ومهاراتهم في المجالات التقنية والمعرفية، وتشجيع الابتكار والاستثمار في الأبحاث والتطوير، وتبنّي التقنيات الرائدة».
لقد ربطت دولة الإمارات استراتيجياتها كافة بهدف أساسي، هو تحقيق المستهدفات الواردة في أجندة «التنمية المستدامة 2030»، التي تسعى إلى جعل المعرفة أداة رئيسية من أدوات تقدّم البشرية، ونمائها، وتنميتها، وهو ما عبّر عنه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، بالقول: «إنني واثق بأننا في دولة الإمارات العربية المتحدة أصبحنا نمتلك العقلية والنظم المبتكرة التي يتم تطبيقها على أرض الواقع، لإحداث فرق حقيقي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ونعاهد أنفسنا والأجيال القادمة بأن تكون أحلامنا كبيرة، وأن نسعى إلى تحقيقها».

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.