تُشكل وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية أدوات رئيسية تستخدمها الجماعات المتطرفة والإرهابية في تنفيذ لأجنداتها ومخططاتها سواءً في تجنيد الأتباع، أو في ترويج أفكارها وأيديولوجياتها لقطاع واسع من الناس وخاصة الشباب، أو عبر استخدامها كمنصات لعقد الاجتماعات واللقاءات بين عناصرها لتنسيق مواقفهم وخطط تحركاتهم. 
ويأتي على رأس هذه الجماعات جماعة «الإخوان»، التي تتواجد عناصرها بكثافة على هذه الوسائل والتطبيقات، وتعمل باستمرار على استغلالها ليس فقط لنشر فكرها الذي يحرّض على التطرف والإرهاب، وإنما أيضاً في التحريض ضد العديد من الدول، من أجل النيل من رموزها والتشكيك في مواقفها وإضعاف بنية الدول الوطنية فيها، تمهيداً لتحقيق هدفها الرئيس المتمثل في الوصول للسلطة والإمساك بها.
ويتجسد أحدث الأمثلة عن هذا في اختراق جماعة «الإخوان» وعناصرها لتطبيق البث الصوتي الحديث «كلوب هاوس» الذي يمكن مستخدميه من إجراء محادثات صوتية مباشرة في غرف مغلقة، وإقامة ما يشبه الغرف الحوارية بداخله، والتي تحاول من خلالها استقطاب الشباب والتأثير فيهم، وتنفيذ أهدافها في نشر الأفكار الهدامة التي تحاول تقويض الأوطان وإسقاط رموزها الوطنية والسياسية تحت ذريعة حرية التعبير. 
وقد كشف الاجتماع، الذي عقده الأسبوع الماضي أعضاء ينتمون للجماعة من دول خليجية وعربية، هاربون في تركيا ودول أخرى، عبر إحدى غرف هذا التطبيق، إصرار الجماعة على التمسك باستراتيجيتها التخريبية وأفكارها الهدامة، ومحاولتها العودة من جديد للمشهد السياسي العربي والإقليمي عبر هذه التطبيقات والاجتماعات الافتراضية، بعد أن لفظتها شعوب المنطقة عقب اكتشاف حقيقة أهدافها ومخططاتها المشبوهة.
ولا يقتصر الأمر على تطبيق «كلوب هاوس»، ففي نوفمبر الماضي تحركت بعض الأوساط السياسية والأمنية في أوروبا لمطالبة شركتي «غوغل» و«آبل» بحذف تطبيق يسمى «يورو فتوى» من متجريهما، بعد اتضاح حقيقة أن التطبيق يروج لتطرف جماعة «الإخوان» في أوروبا. كما نظمت الجماعة، في ديسمبر من العام نفسه، مؤتمراً عن بُعد تحت عنوان: «الإخوان المسلمين.. حقائق ومنطلقات» ضم قادتها عبر العالم، الذين حاولوا تحسين صورة الجماعة من خلال خطابات مستهلكة.
وتكشف هذه التحركات بوضوح عن خطورة التوظيف السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية من جانب جماعات التطرف والإرهاب عموماً وجماعة «الإخوان» خاصةً، في نشر أفكارها وأيديولوجياتها التي تهدد قيم التعايش والتسامح والتقارب بين الشعوب والثقافات. وتتطلب مواجهة هذه المخاطر التحرك على مستويين: الأول: ضرورة العمل على تطوير استجابات مناسبة لمنع التنظيمات المتطرفة والإرهابية من استخدام وسائل التواصل والتكنولوجيا الحديثة في تحقيق أهدافها الخبيثة وتوعية الرأي العام بخصوصها. والثاني: ضرورة مطالبة شركات التكنولوجيا العالمية بالتصدي لمحاولات التوظيف السيئ لتطبيقاتها المختلفة من قبل الجماعات المتطرفة، والتي باتت تهدد السلم الاجتماعي في الكثير من المجتمعات.

 *مركز تريندز للبحوث والاستشارات.