مفهومي للجدية يتمحور حول مستوى الالتزام الذي أصبغه على الأشياء، لكي تبدو أكثر ثقلاً و«فاعلية»، على سبيل المثال جديتي في تعاملاتي الإنسانية أو المهام المنوطة بي أو حتى مع ذاتي، وقد غلب ذلك على نهجي وسلوكي باستمرار، فنادراً جداً ما أخذ الأمور على محمل الهزل، وهو ما كان محل انتقاد كثيرين!، والحقيقة أنه الآن وبعد هذا العمر، لا أشعر بالندم على ذلك، فقد جنيت ثمار التزامي، غير أن لي رغبة شديدة في المشاركة بحالة «الخفة» التي يحتفي فيها آخرون بكل سعادة.
 عندما نلتزم «الجِدة» فعلاً، فإننا نجني ثماراً ومنافع جلية، غير أنه حتى لسلوك الخفة منافعه أيضاً، ولعل أهمها الصحة النفسية التي يعيشها أولئك الذين لا يولون لكل شاردة وواردة في حياتهم ذلك الاهتمام المبالغ فيه، فتمر عليهم الأمور بكل سلاسة بلا تداعيات كارثية ينتج عنها تغيرات مصيرية. 
ولهذا وجدتني متلبسة، في توقفي المتكرر في غرف الدردشة في تطبيق (clubehouse)، التي لا تحمل عناوين، أو لها عناوين لا تعني شيئاً، من قبيل «رغي وخلاص»، «بدون فلسفة»، «سواليف الي ماعندهم سالفة»، «لا للمثقفين أو الأذكياء»، والواقع أنها أكثر جذباً لي من باقي الغرف محددة المواضيع وكثيرة الضيوف. 
تشبه الغرف في هذا التطبيق الحياة الحقيقية التي نعيشها إلى حد بعيد، فكلما زاد عدد الأشخاص المتواجدين وقل عدد المتحدثين، غلبت الرسمية والافتعال على الموقف، والعكس صحيح.
 بعض الغُرف في هذا التطبيق تحوي أشخاصاً لا مانع لديهم من التعبير عما يجول بخواطرهم بدون أي محددات، صادقين لأبعد الحدود، إنها نماذج لا أراها في الحياة اليومية العادية، نماذج غير مبالية بردات فعل الآخرين، ليس لديهم أي مانع من الحديث عن نواقصهم والضحك عليها، ومشاركة الآخرين سقطاتهم غير مبالين بأحكامهم، وفي هذا تكمن جاذبيتهم.