تعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة بيئةً صحراويةً جافة تعاني شحاً في موارد المياه العذبة، وقد اتجهت إلى الاعتماد على تحلية مياه البحر، لسدّ حاجة السكان من المياه. ومع ما شهدته من ارتفاع معدل النمو السكاني، إلى جانب تداعيات التغير المناخي، وجهت الدولة أنظارها للبحث عن حلول أكثر استدامة للمياه، من خلال ترشيد الاستهلاك، والاعتماد على التقنيات الزراعية المبتكرة الموفرة، إضافة إلى تعزيز العمل بتقنيات الاستمطار وآلياته. كما قامت ببناء سدود عدّة، للمحافظة على الثروة المائية، ووضعت استراتيجية للأمن المائي تضمن الاستدامة والاستمرارية في الوصول إلى المياه، خلال الظروف الطبيعية، وظروف الطوارئ القصوى. 
وفي إطار مواصلة الدولة جهودها في هذا المجال، قامت هيئة البيئة في أبوظبي بإطلاق خطة الإدارة المتكاملة للموارد المائية 2021-2030 خلال الفعالية التي نظمتها الهيئة قبل أيام، عبر تقنية الاتصال المرئي. وقد أكد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس مجلس إدارة الهيئة، أن الاهتمام بموارد المياه يعدّ عنصراً مهماً وضرورياً في ظل النقلة التنموية الهائلة التي تشهدها إمارة أبوظبي، والتطور الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الكبير، وزيادة عدد السكان، والحاجة إلى توفير الأمن الغذائي.
ومن خلال إطلاقها خطة الإدارة المتكاملة للمياه، ستنفذ الهيئة 8 مشاريع، خلال السنوات العشر المقبلة، بالتعاون مع الجهات المعنية المحلية والاتحادية، من ضمنها «مشروع حاسبة المحاصيل»، الذي بموجبه تُحدد كميات المياه المخصصة لكل مزرعة، والاستهلاك الفعلي لكل محصول. وسيتم ضمن الخطة تقييم الخزانات الجوفية العميقة، وتأهيل حقول الآبار غير المستعملة، وتنفيذ مشاريع التخزين الاستراتيجي للمياه في حالات الطوارئ، وتأهيل حقول الآبار غير المستغلة، وتوعية أصحاب المصلحة من المزارعين حول جدوى ترشيد استهلاك المياه الجوفية.
ولا شك في أن هذه الخطة التي تعمل عليها هيئة البيئة في أبوظبي تتكامل وتنسجم مع استراتيجية الأمن المائي لدولة الإمارات 2036، التي كشفت عنها وزارة الطاقة والبنية التحتية في سبتمبر 2017، حيث تتمثل المستهدفات العليا للاستراتيجية في خفض إجمالي الطلب على الموارد المائية بنسبة 21 في المئة، وزيادة مؤشر إنتاجية المياه إلى 110 دولارات لكل متر مكعب، وخفض مؤشر ندرة المياه بمقدار 3 درجات، وزيادة نسبة إعادة استخدام المياه المعالجة إلى 95 في المئة، وغيرها من المستهدفات التي تسعى لاستدامة إمدادات المياه في مختلف الظروف، بما يلبي حاجات الأفراد، ويحقق الازدهار لهم.
إن ما أشار إليه سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، حول ضرورة نشر الوعي بأهمية الحفاظ على الموارد المائية، وتقليل الهدْر، والاهتمام بإدارة الطلب على المياه، من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالج، وتبنّي طرق الزراعة الحديثة، وزراعة النباتات المحلية المقاومة للعوامل المناخية، والأعلى تحملًا للجفاف والملوحة في الحدائق والمتنزهات، يمثل أفكارًا قيّمة ونافعة تقودنا إلى مستقبل مائي مستديم تنعم به الأجيال القادمة. ولأجل ذلك كلّه، بذلت حكومة دولة الإمارات جهودًا كبيرة ونوعية في مجالات استدامة المياه، وتحقيق الأمن المائي، عبْر التصدي لمجموعة من التحديات التي تواجهها الدولة على هذا الصعيد، كندرة موارد المياه الطبيعية العذبة، واستنزاف المياه الجوفية، وارتفاع الطلب على المياه، وغير ذلك.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.