إن استثمار الإمارات في قطاعات ذات أولوية في السنوات المقبلة، مثل قطاع الفضاء، هو توافق كبير مع رؤية واستشراف القيادة الرشيدة حول تنويع الاقتصاد الإماراتي، وتعزيز سبل الاقتصاد القائم على المعرفة. وهناك اهتمام عالمي متزايد باقتصاد الفضاء واستغلال الفرص الاقتصادية للمصادر الطبيعية خارج حدود كوكب الأرض. ويتضح ذلك من خلال تزايد حجم إنفاق دول العالم المختلفة، ومن بينها دولة الإمارات، حيث ارتفع حجم اقتصاد الفضاء من قرابة 50 مليار دولار في عام 2010 إلى 423.8 مليار دولار في نهاية عام 2019. ويتوقع البنك الدولي أن تنمو هذه الصناعة بقوة حتى تصل إلى 1.4 تريليون دولار بحلول عام 2030، وذلك استناداً إلى معدل نمو سنوي مركب يبلغ 10.6%، وهو متوسط النمو خلال العامين الأخيرين. وذلك ما أدركته القيادة الرشيدة لدولة الإمارات منذ سنوات طويلة، فترجمته باستثمار يصل نحو 22 مليار درهم في قطاع الفضاء، وأيضاً بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء عام 2014 بغية تنظيم قطاع الفضاء وتعزيز الأنشطة ذات الصلة بمجالات الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات والانترنت المعتمدة على الأقمار الصناعية، فضلاً عن التنقيب وتعدين الكويكبات والمذنبات، وسياحة الفضاء عبر المركبات الفضائية، وكل ذلك من شأنه أن يحقق نتائج اقتصادية كلية ملموسة على مستوى الدولة.
إن الإمارات بانضمامها إلى نادي الكبار في اقتصاد الفضاء خلقت لنفسها دوراً ريادياً في المنطقة، وذلك بعد وصول «مسبار الأمل» إلى المريخ في التاسع من شهر فبراير الجاري. وما رأيناه من تكريم لفريق «مسبار الأمل» يوم أمس يؤكد رؤية قيادتنا الرشيدة تجاه هذا القطاع الواعد، الذي أصبح تطويره جزء من جهود الدولة لتعزيز  قدراتها الصناعية والتكنولوجية وتقليل اعتمادها على النفط. وقد وصل مسباران فضائيان إلى المريخ مؤخراً، أحدهما أطلقته الصين والآخر أطلقته الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بعد انطلاق مسبار الأمل في يوليو 2020، مما يعطي مؤشراً على دخول الإمارات في سباق التميز على مستوى العالم. ويحدث هذا بينما تحتفل دولة الإمارات هذا العام بمرور 50 عاماً على قيامها. 
كما تخطط الشقيقة المملكة العربية السعودية لدعم برنامجها الفضائي عبر إنفاق 2.1 مليار دولار بحلول عام 2030، وذلك في إطار خطة لتنويع اقتصادها الوطني. 
وسينتج عن جهود الإمارات في مجال الفضاء ما يعرف بالاقتصاد المُصاحب، وهو اقتصاد البحث والتطوير في مصادر الطاقة المتجددة وإدارة الكوارث والأزمات، والتخطيط العمراني الحضري. ومن المؤكد أن تساهم مختلف الحكومات المحلية في الدولة ضمن خطة لتنويع الاقتصاد الوطني عبر دعم الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة المهتمة بهذا القطاع الذي يوفر فرصاً استثمارية لا حدود لها. وكذلك استحداث أنشطة تجارية جديدة لم نسمع بها من قبل تتعلق بقطاع الفضاء؛ مثل الخدمات اللوجستية وخدمات التتبع والرصد والتدريب وغيرها، مما سيساهم في سهولة ممارسة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الإمارات. وأيضاً، قد نشهد قريباً من خلال القطاع الخاص تأسيس مصانع لإنتاج محركات ومركبات فضائية وغيرها من أجهزة التحكم والروبوتات.. وكل ذلك سيسهم في دعم المصالح الوطنية وفي زيادة الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب تعزيز الشراكة على المستويين الوطني والدولي باتجاه اقتصاد تنافسي أكثر قوة.