يمثّل الأمن الغذائي أولوية ملحّة لكل دول العالم تقريباً، لأنه أصبح جزءاً من المفهوم الشامل للأمن المستدام الذي يأخذ بعين الاعتبار سعادة الإنسان ورفاهيته، وهذه أمور لا تتحقق إذا لم يكن المرء مطمئناً على غذائه، ولهذا تولي دولة الإمارات العربية المتحدة هذا الموضوع أولوية قصوى، فقد بدأت منذ وقت مبكر في تبنّي خطط واستراتيجيات، بهدف تنمية القطاعات المرتبطة مباشرة بالغذاء، وخاصة قطاع الزراعة بفروعه المختلفة، النباتية والحيوانية وحتى السمكية، وركزت على سياسة الإنتاج المحلي للتقليل من الاعتماد على الخارج، فاستثمرت بشكل كبير في هذا المجال حتى أصبحت منتجاً ومصدراً للسلع والمواد الغذائية، كما دخلت في شراكات إقليمية وعززت من تبادلها التجاري مع الكثير من دول العالم، بما يضمن توفير سلاسل إمدادات بشكل دائم حتى في أوقات الأزمات، بالإضافة إلى أنها وجهت جزءاً مهمّاً من استثماراتها في الخارج، وخاصة في الدول العربية، نحو الاستفادة من الموارد الزراعية في تلك الدول، وفي الوقت نفسه إفادتها بما يعود بالنفع على الجميع.
وقد اهتمت الدولة بمسألة المخزون الاستراتيجي من الأغذية، بما يضمن الاستجابة الفورية لحاجات الناس، وتغطية أي نقص يمكن أن يحدث، وخاصة في حالة الأزمات أو الكوارث، ولم تكتفِ بالمشاركة في الفعاليات الخارجية الخاصة بالأغذية، ولكنها اهتمت أيضاً بتنظيم فعاليات كبرى، جعلت منها وجهة عالمية بالفعل، حيث تتجه الأنظار سنويّاً إلى معرض «جلفود»، الذي أصبح ليس فرصة لعرض المنتجات أو البيع وعقد الصفقات فقط، وإنما منصة توريد عالمية رائدة أيضاً، والأهم «منتدى» لإجراء الحوارات وتبادل الخبرات، حيث يسلط الضوء على الابتكارات الجديدة في الأسواق العالمية. فعلى هامش المعرض، مثلاً، تستضيف قمة جلفود للابتكار وسلسلة متحدثي مجتمع التسويق، ألمع العقول وصناع النجاح في مجال الأغذية والمشروبات، وذلك بهدف التعامل مع التحديات التي تواجه هذا القطاع، ومن ثم معالجة قضايا ملحّة مثل الأمن الغذائي وسلاسل التوريد والطعام المستدام، فضلاً عن كون المعرض بالفعل ساحة للقاء الناس من مختلف دول العالم، والتعرف إلى ثقافاتهم، سواء من خلال منتجاتهم أو عروض الطهي المباشرة التي يتضمنها برنامج المعرض. 
لقد حققت دولة الإمارات نجاحات مهمة في مجال الأمن الغذائي، ونجحت برغم التحديات الكبيرة في هذا المجال في تحقيق قفزات كبيرة، خاصة في تعزيز الإنتاج المحلي، كما أثبتت قدرتها على التعامل مع الأزمات التي يمكن أن تؤثر في توافر السلع والمنتجات، فكانت أزمة كورونا خير مثال على هذا النجاح، حيث لم تنقطع السلع على اختلاف أنواعها، بل وتم توفيرها بشكل طبيعي، وكانت ثمار خططها واستثماراتها في الزراعة الوطنية واضحة جدّاً، حيث ظهرت المنتجات المحلية في الأسواق بكثرة وبجودة عالية. 
هذا كله بالطبع لم يكن مصادفة، وإنما هو نتيجة لجهود كبيرة بذلتها الدولة، سواء فيما يتعلق بتواصلها مع كل الأطراف المعنية لضمان استمرارية الإمدادات الغذائية وتوافر المنتجات بمختلف أنواعها في جميع منافذ الدولة، كما أكدت معالي مريم المهيري، وزيرة دولة للأمن الغذائي والمائي، في الكلمة الافتتاحية لـ «قمة جلفود للابتكار 2021»، أو دعمها للزراعة المحلية وتوفير كل ما تحتاجه لضمان تغطية حاجات السوق المحلية من المواد الغذائية، بل وحتى تصدير الكثير منها إلى الأسواق الخارجية.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية