تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازاتها في مجال علوم الفضاء، فقبل أيام قليلة احتفلت بوصول مسبار الأمل إلى مدار المريخ، وهو إنجاز عربي غير مسبوق، ويعدُّ بالطبع أهم مراحل المهام الإماراتية الرامية لاستكشاف الكوكب الأحمر، ليكون بذلك إنجازاً تاريخيّاً آخر تفخر به الدولة بعد إنجاز العام الماضي المتمثّل في إرسال «هزاع المنصوري» إلى محطة الفضاء الدولية ليكون بذلك أول رائد فضاء عربي يصل إلى هذه المحطة. واليوم نفخر بما أعلنته جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا وشركة «الياه سات» للاتصالات الفضائية ونورثروب غرومان، من انطلاق القمر الصناعي المصغَّر الثاني «ظبي سات»، الذي طوّره طلبة الجامعة بالتعاون مع شركاء من مركز والوبس فلايت في ولاية فيرجينيا الأميركية، في مهمة إلى محطة الفضاء الدولية، وذلك على متن المركبة الفضائية «سيغنوس إن جي-15»، لتؤكد دولة الإمارات من خلال مساهماتها المتواصلة بأن طموحاتها ومنجزاتها واسعة وممتدة مثل الفضاء الذي عانقته وتوجّت أحلامها بالوصول إليه.
ولا شكّ في أن هذا الإنجاز كغيره لم يأتِ مصادفة أو من فراغ، وإنما هو نتاج لاهتمام دولة الإمارات بتطوير رأس المال البشري وإعداد القوى البشرية المحلية وتدريبها من خلال البرامج الأكاديمية المتخصصة ومراكز البحوث، حيث تم تطوير هذا القمر الصناعي من قبل مجموعة من طلبة برامج الدراسات العليا في مختبر «الياه سات» للفضاء في مركز جامعة خليفة لتكنولوجيا الفضاء والابتكار، ليؤكد هذا الصرح العلمي الوطني البارز على استراتيجيته الشاملة التي تتمثل في تطوير العلماء المتخصصين في علوم الفضاء والمهندسين الذين يسيرون قُدمًا للنهوض بالدولة في مجالات التقدم التكنولوجي، حيث يسهم المشروع في تأهيل الطلبة الجدد ليصبحوا مهندسين مؤهلين لدعم قطاع الفضاء في الدولة، خصوصاً أن المهمة الرئيسة للمشروع تكمن أصلاً في إتاحة الفرصة للطلبة، ليصمِّموا نماذج البرمجيات المتعلقة بأنظمة التحكم، وتحديد الاتجاهات وتوظيفها واختبارها.
ويستخدم القمر الصناعي «ظبي سات»، الذي يُتوقع أن ينفصل عن المركبة الجوية «سيغنوس إن جي-15» عقب مغادرته لمحطة الفضاء الدولية بعد 3 أشهر تقريبًا، كاميرا عالية الدقة (12 ميغابيكسل)، تعتمد على مستشعر سوني «أي إم إكس 477»، ونظام عدسة بطول بؤري 50 مم، ويمكنها التقاط صور بدقة مكانية تبلغ 12.6 متراً على الأرض من ارتفاع 450 كم تحت الظروف المثالية. وسيستخدم الطلبة نطاق التردد العالي جدّاً لإرسال الاتصالات إلى القمر الاصطناعي، ونطاق الترددات الفائقة لتلقي الاتصالات منه. كما تتضمن مهامه، التحقق من دقة خوارزميات التحكم المختلفة، ومقارنة الصورة الملتقطة مع الاستحواذ المتوقع، وتقييم الخوارزميات الجديدة التي طوّرها الطلبة مع اختبار البرنامج أيضاً بناءً على الخوارزميات المتوافرة في الدراسات السابقة، إضافة إلى الهدف النهائي للمهمة وهو إنتاج مكتبة برمجيات يمكن استخدامها في المهام المستقبلية.
ولا شك في أن إطلاق «ظبي سات»، هو نجاح آخر لدولة الإمارات ولجامعة خليفة وشركائها، باعتباره القمر الصناعي الثاني بعد القمر الأول (ماي سات - 1) الذي خُصّص لأغراض تعليمية وتم تصميمه في مختبر «الياه سات» للفضاء قبل ثلاث سنوات، وكان الأول من نوعه في المنطقة من حيث إمكاناته في التصميم وإنشاء الأقمار الصناعية واختبارها، ليواصل مركز جامعة خليفة لتكنولوجيا الفضاء والابتكار دوره الريادي في تطوير الأقمار الصناعية ودعم الجامعات الأخرى في هذا المجال.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية