الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الإدريسي يسبح بإبداعاته في الزرقة اللامتناهية

شكْل الدائرة وأسطوريته أساس الإيقاع اللوني في أعمال الإدريسي (من المصدر)
20 فبراير 2021 00:01

محمد نجيم (الرباط)

يحتل موضوع الكون بمجراته ونجومه وكواكبه وأقماره وما يلفه من غموض، الوعاء البصري الشّاسع، الذي تصبُّ فيه لوحات معرض الفنان المغربي عز الدين الهاشمي الإدريسي، المنظم في رواق «مين دار» في الدار البيضاء تحت عنوان «دلالات كونية»، والذي يجسّد ما راكمه هذا الفنان في مجال التشكيل لعقود من الزمن، وجعل اسمه متداولاً بقوة في الوسط الفني المغربي والعربي.
شكْل الدائرة وأسطوريته هي أساس الإيقاع اللوني ونغميّته وحركيته في أعمال الإدريسي، وبوحٌ جمالي يتفاعل مع أشكال الكون وشساعته، ويحثُّ على التأمل وتأويل المعنى في الأشكال والرموز المضمرة في النص البصري، كما أن الكواكب التي تسبح في الزرقة اللامتناهية هي الرهان الجمالي الذي اشتغل عليه الفنان وشكَّل الإطار الخفي والجلي لفكرته ورؤيته الفنية وخيطه الرابط بين كل أعماله المعروضة، لكي يسقط في الغموض والسوريالية والتجريد الذي قد ينفر المتلقي العادي ويبعده، ففي لوحات هذا الفنان المتمرس بلاغة لونية وبُعد تعبيري ينهل من الكون في مشهدية تستنطق كنه العالم مع تحكُّمه الصارم في تطويع الألوان وحركات الريشة ووضع اللمسات والتنوءات بحرصٍ شديد، ‬ما ‬يعني ‬أن ‬قراءة ‬اللوحة ‬من ‬طرف ‬رواد ‬المعرض ‬لا ‬تستدعي ‬الكثير ‬من ‬إعمال ‬الفهم ‬وتحريك ‬ملكة ‬التأويل، ‬فلا ‬يمكن ‬النظر ‬إلى ‬اللوحة ‬واستيعاب ‬مضامينها ‬دون ‬تخييل ‬جمالي ‬والنظر ‬إلى ما ‬يلف ‬الكون ‬ومجراته ‬من ‬أسئلة ‬تحاول ‬استجلاء ‬الغامض ‬والمبهم ‬وإنتاج ‬قراءات ‬متنوعة ‬للنص ‬البصري ‬لغاية ‬التعمق ‬والإضاءة، ‬فالألوان دافئة ‬ومنسابة ‬كشلال ‬ضوء ‬تريح ‬العين، ‬و‬تأخذ ‬المتلقي ‬إلى ‬حيث ‬تتناغم ‬الأشكال ‬المتنوعة ‬التي ‬تسبح ‬في ‬الكون ‬بكثافة ‬الألوان ‬المضيئة‬.
خلال افتتاح هذا المعرض، قال الناقد عبد الرحمن بن حمزة واصفاً أعمال الإدريسي بقوله «إنها أعمال فنية تنبض بالحياة مع نفثات غنائية ذات صبغة طبيعية ينظمها توازن خفي بين النغمات، وهذا يقودنا إلى تأمل فريد للعالم وللنفس، وكذلك نحو المجهول في لحظة خالدة من الهروب الفلكي».
أما محمد أمسكان، فتساءل: هل يتعلق الأمر بالقمر أم بالشمس أم بأحد أجرام الفلك اللامحدود؟، إنه يتحرك كما يحلو له على سطح اللوحات، مثل مجرة درب التبانة، لا أدري أي اتجاه يرنو إليه يجد العمل الفني طريقه وارتقاءه، ويظل مسكوناً بنفس روحي صوفي، حيث نجح في تقديم عالم بصري يطرح مدى صغر الإنسان وهشاشته أمام جبروت الكون وامتداده اللامحدود.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©