ربما من أهم المبادرات الدولية على صعيد التعاون الدولي في مكافحة أوبئة الأمراض المعدية، ما يعرف بتحالف الابتكارات للاستعداد للأوبئة (Coalition for Epidemic Preparedness Innovations)، والذي تم إطلاقه رسمياً خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس عام 2017. وهو عبارة عن مؤسسة تتلقى التبرعات من عامة الأفراد، ومن شركات القطاع الخاص، وفاعلي الخير، ومنظمات المجتمع المدني، بهدف تمويل مشاريع الأبحاث المستقلة الرامية لتطوير تطعيمات ضد ما يعرف بالأمراض المعدية الجديدة أو المستحدثة.
وشاركت في تأسيس وتمويل هذا التحالف، بمبلغ 460 مليون دولار أميركي، مجموعة من الدول، على رأسها النرويج واليابان وألمانيا، وانضم إليهم لاحقاً الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. وعلى حد تعبير المجلة العلمية الشهيرة «نيتشر» فإن «تحالف الابتكارات للاستعداد للأوبئة، يعد أكبر مبادرة تطوير لقاح على الإطلاق ضد الفيروسات التي تشكل تهديدات وبائية محتملة». وفي الآونة الأخيرة صُنف هذه التحالف على أنه لاعب رئيسي في جهود تطوير لقاح ضد فيروس «كوفيد-19»، كما تم ترشيحه لجائزة نوبل للسلام لعام 2021.
ويقدم التحالف عشرات الملايين من الدولارات سنوياً، كمنح للأبحاث والأفكار المبتكرة التي تحاول حل مشاكل طبية وصحية بطرق فريدة، وتطوير تقنيات وأساليب علمية حديثة غير معروفة سابقاً. ويضع تحالف الابتكار للاستعداد للأوبئة نصب عينيه، الأمراض المتضمنة في مخطط منظمة الصحة العالمية للأمراض ذات الأولوية (Blueprint priority diseases)، والذي يشمل منظومة الشرق الأوسط التنفسية، والتي تشمل «ميرس» و«سارس» وفيروس «النيباه» وفيروس حمى «اللاسا» وفيروس حمى الوادي المتصدع، بالإضافة إلى مرض نظري افتراضي يعرف بالمرض «إكس»، وهو مرض غير معروف سابقاً، ويتوقع أن يظهر في وقت ما، وأن يتسبب في وباء عالمي لا يبقي ولا يذر.
ويعبّر هذا التحالف عن اتجاه دولي متنامي، نابع من الإدراك بأهمية تضافر الجهود الدولية، من خلال تحالفات صحية وعلمية عابرة للقارات، كخط دفاع رئيسي ضد أوبئة الأمراض المعدية العالمية الأبعاد. فمثل هذه التحالفات يجب أن تشكل حجر الأساس في أي خطط مستقبلية تهدف لتوحيد الجهود الدولية، من أجل مواجهة أعداء البشر من الكائنات المجهرية، ولتقوية نقاط الضعف في استراتيجيات الرعاية الصحية المتبعة حالياً، وللمزيد من الاستثمار في الدراسات العلمية والأبحاث الطبية.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية