الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

مهرجان الشيخ زايد.. مرآة للهوية

(تصوير: عادل النعيمي)
18 فبراير 2021 00:28

نسرين درزي (أبوظبي)

يعزز مهرجان الشيخ زايد بمنطقة الوثبة، مفاهيم الهوية الوطنية والرؤية الثاقبة في الحفاظ على الموروث الحضاري لمجتمع الإمارات، والإضاءة على حياة الأولين، وما تحمله من عبر وحرف يجدر صونها ونقلها للأجيال بأجمل صورة. 
وتتواصل فعاليات المهرجان حتى مساء السبت المقبل بالكثير من الفقرات والورش الحية، التي تؤكد أهمية التعرف عن كثب إلى أدوات الماضي، وكيف سعى الأجداد إلى غرس قيم التفاني في حب الوطن، ومهدوا الطريق بالعزم والإرادة لصعود سلم الإنجازات، والوصول إلى قمم النجاح.

شعلة أساسية
مهرجان الشيخ زايد الذي انطلق بموسمه الحالي في 30 نوفمبر الفائت واستمر على مدى 3 أشهر، يؤكد بكل ما يقدمه من برامج متنوعة حرص دولة الإمارات على معاني الهوية الوطنية باعتبارها الشعلة الأساسية لعبور درب التقدم والتطور في مختلف المجالات. ويستعرض من خلال منصات الحرفيين وجلساتهم المفتوحة على أسئلة الجمهور، تفاصيل عن أسرار المهن القديمة، وتحدياتها منذ زمن المتاعب وصعوبات العيش، وكيف توارثتها العائلات بشغف ولا تزال تتناقلها حتى اليوم. ويولي المهرجان الأطفال اهتماماً كبيراً، حيث يخصص لهم برامج تعليمية في قالب تشويقي، وأنشطة متنوعة تحث على التمسك بالتراث وتربطهم بتفاصيل الحياة في الماضي.

عبق «الفرجان»
الأجنحة التراثية الموزعة على امتداد المهرجان، تكشف في كل ركن منها عن روايات جاذبة ومشهديات محببة وكأنها آتية للتو من عبق «الفرجان» الضاجة بيوميات أهل البر والبحر.. الجدات هنا يفترشن البسط المزركشة وسط مشغولاتهن اليدوية من الخوص وسعف النخيل وغزل الصوف. وأرباب القوارب يستعرضون بفخر أدوات صيدهم وصناعاتهم الأولى، منها «القراقير» وعدة الغوص وشباك الرزق المنتظر، والجميع يعملون بدقة وتأنٍ وحرفية عالية وهم مقتنعون بأن حرفهم تخرج من بين أيديهم جواهر يعتزون بها.

منسوجات لا تندثر
من داخل الحي التراثي الإماراتي بأجوائه التي تعكس شكل الحياة في الماضي، تحدثت الحرفيات اللاتي يتوزعن عند الجلسات الشعبية عن حرصهن على تعليم بناتهن وحفيداتهن تقنيات المشغولات اليدوية التي أبدعت النسوة قديماً في نسجها.

وذكرت فاخرة أحمد المر أن المرأة في المجتمع المحلي لعبت دوراً أساسياً في توفير متطلبات الأسرة من لباس ومستلزمات منزلية، مثل «السفرة» والحقائب المنسوجة من الصوف وزينة الدلال، وسواها من الأمور التي كانت تحتاج إلى الغزِل أو ما يعرف بـ«السدو»، وتطريزات «التلي» بالخيوط الرفيعة لاحقاً. وقالت: إن هذه المنسوجات يجب ألا تقتصر على الاستعمالات التراثية، وإنما من الضروري أن يتقن تفاصيلها الجيل الجديد، حتى لا تندثر؛ لأنها من صميم الهوية الوطنية التي يتفاخر بها المواطنون على مر السنين.

تقاليد راسخة
وروت موزة ناصر المنصوري أنها من خلال تجهيز البراقع بالطريقة التقليدية، تشدد على توارث هذه الحرفة التي تعد من صميم التقاليد الإماراتية الراسخة في كل بيت. واعتبرت أنه على الرغم من دخول قصات جديدة على البرقع، فإن شكله الأصلي العريض والألوان الداكنة منه لا تزال الأكثر دلالة على إرث الجدات في المجتمع المحلي. وهذا ما يجب التأكيد عليه للإبقاء على الجذور المتينة وعدم محوها من الذاكرة، ومن التداول في الزمن الحاضر.

شعار واعتزاز
وعددت بخيتة حمد المري بعضاً من مفردات الموروث الشعبي التي تنقلها لبنات اليوم من خلال مشغولاتها، ومنها قطع النسيج المخصصة للجمل مثل «الساحة»، و«الخرج» و«العتاق» و«الخطام» و«الحزام»، وكذلك الأدوات المستخدمة في «المقناص» مثل «دسة» الصقور، والمصنوعة كلها من الصوف، وأشارت إلى «الميزاب» الذي يأتي على شكل سرير من قماش أشبه بحقيبة مفتوحة، كانت الأمهات يضعن بداخله أطفالهن ويحملنهم ما بين الكتف والخصر أثناء القيام بأعمال المنزل.
واعتبرت سلامة محسن التي تعرض مستلزمات «البوش» في ركن مليء بمشغولاتها اليدوية، أن الهوية الوطنية شعار يعتز به أبناء الإمارات من كل الأعمار، وأن مشاركتها في مهرجان الشيخ زايد تأتي للتأكيد على نشر الموروث، ليس بين المواطنين فحسب، وإنما أمام الجمهور من مختلف الجنسيات للتعريف بما كانت عليه الحياة قديماً من حرف مستمرة بالإبداع نفسه حتى اليوم. 

تميز حضاري
ومن جناح صناعة السفن التقليدية، ذكر أحمد محمد الحمادي أن السير على خطى الأولين هو ما يصنع التميز الحضاري الذي تنعم به الإمارات. وشرح أنه تعلم هذه الحرفة من جده ووالده، بحيث يتباهى بإتقانها ويحرص على نقلها إلى كل من يرغب بتعلم الفنون القديمة التي تركت أثراً كبيراً على مهنة الصيد وتطور الحياة لاحقاً. واعتبر أن الحفاظ على إرث الأجداد أمانة لا بد من توارثها جيلاً بعد جيل.
بالشغف نفسه، تحدث داوود محمد الجسمي عن أدوات البحر التي تفنن الأولون بصناعتها من مواد بسيطة كانت متوافرة في بيئة الصحراء، ولفت إلى أن أكثر اعتمادهم كان على أشجار النخيل التي أغدقت بخيراتها على معظم الحرف القديمة، ولا تزال تجود برزقها علينا، ما يستدعي الإبقاء على كل ما علمتنا إياه من صناعات لا تندثر.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©