هو موضوع أكاد أجزم أنه سيُشكل العمود الأساسي للعناصر البشرية المواطنة خلال العقدين القادمين وذلك لعدة أسباب، أبرزها ثلاثة. السبب الأول: تزايد أعداد المواطنين خريجي التعليم المهني من خلال معاهد التعليم التخصصية. ونذكر على سبيل المثال معهد التكنولوجيا التطبيقية ومعهد أبوظبي للتعليم والتدريب المهني والمعهد الوطني للتعليم المهني وغيرها. والسبب الثاني: تنامي الاعتماد على المهن التي نشأت نتيجة أزمة فيروس كوفيد- 19، وهي مهن تعتمد غالبيتها على خريجي التعليم المهني. أما السبب الثالث، فهو اتجاه العديد من الجهات الحكومية للحصول على صفة «الجهة المانحة للمؤهلات» تحت مظلة الهيئة الوطنية للمؤهلات، والتي اندمجت في نهاية العام الماضي مع وزارة التربية والتعليم، كما ذكرنا في مقال سابق. ولكي تتضح الصورة، نستعرض الهدف الذي تسعى تلك الجهات الحكومية لتحقيقه من خلال الاعتراف بها كجهة مانحة للمؤهلات. 
فالهيئة، وحسب مرسوم إنشائها، مسؤولة عن تنظيم قطاع التعليم والتدريب المهني والتقني في الدولة وفي سبيل تحقيق ذلك، أعلنت عن المنظومة الوطنية للمؤهلات وهي وسيلة لتحقيق تصنيف متناغم ومٌنظم للمؤهلات، وتتألف من عدة مستويات، يمثل فيها كل مستوى محصلة التعلم التي يتوجب على المتعلم تحقيقها بنجاح، ليتسنى له الحصول على مؤهل معين معترف به عند ذلك المستوى المحدد. ومن أجل تحقيق أهداف تلك المنظومة، تقوم الهيئة باعتماد جهتين على غاية من الأهمية، هما الجهة المانحة للمؤهلات ومركز التدريب المعتمد. وإجراءات ذلك الاعتماد شاملة ودقيقة للغاية، وترتكز على أسس الحوكمة والشفافية في كافة خطواتها. وبالتالي فقد قامت الهيئة، وفي سبيل ترجمة تلك المنظومة إلى واقع ملموس بتسجيل ثلاث جهات حكومية كجهات مانحة، هي مركز المؤهلات الأمنية (وزارة الداخلية)، ومركز أبوظبي للتعليم والتدريب التقني والمهني، وهيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، مع اعتماد مراكز التدريب التابعة لتلك الجهات، والعمل جارٍ لاعتماد المزيد من الجهات الوطنية المانحة. وتقوم مراكز التدريب التابعة لتلك الجهات بتنفيذ الدورات التدريبية بهدف حصول المواطن في نهايتها على مؤهل معتمد يتم مواءمته مع شهادات التعليم العام والعالي. وهذا يعني أن من يجتاز جميع متطلبات المستوى الرابع من منظومة المؤهلات الوطنية يستحق اعتماد وزارة التربية والتعليم لذلك المستوى الذي يعادل شهادة الثانوية العامة، في حال لم يكن بالفعل حاصلاً عليها. والأمر كذلك لمن ينجحون في متطلبات المستويين السابع والتاسع مثلاً ويحصلون على شهادتي البكالوريوس التطبيقي والماجستير التطبيقي يتم مواءمتهم مع الحاصلين على شهادات البكالوريوس والماجستير على التوالي من التعليم العالي. 
ولكن الميزة الأهم في تلك المنظومة أنه من المفترض أن تُتيح الفرصة للمواطن الحاصل على اعتماد المستوى الرابع، مثلاً، من المنظومة لإكمال الدراسة الجامعية والحصول على شهادة البكالوريوس بناء على شهادة الثانوية العامة التي حصل عليها بعد المواءمة. وهنا يتضح لنا الأهمية الاستراتيجية لدور وزارة التربية والتعليم ممثلة بالهيئة الوطنية للمؤهلات ومنظومة المؤهلات الوطنية، والتي منحت دولة الإمارات العربية المتحدة مرتبة التميز عربياً وإقليمياً في هذا المجال، باعتبارها الدولة الوحيدة التي تمتلك تلك المنظومة التي تنظم مخرجات التعليم المهني وعلاقتها بمؤسسات التعليم العام والعالي. ولذلك، كما أكدنا سابقاً، فإن مخرجات التعليم المهني تتزايد أهميتها يوماً بعد يوم في سوق العمل في الدولة، وأصبحت الحاجة أكبر من أي وقت مضى للإعلان عن اعتماد مخرجات الجهات المانحة للمؤهلات من التعليم المهني ومواءمتها مع شهادات التعليم العام والعالي وتدشين حملة وطنية لنشر الوعي حول أهمية هذا القطاع التعليمي الاستراتيجي.