باتت وسائل الإعلام المختلفة تقوم بدور متعاظم في تشكيل اتجاهات الرأي العام في كل دول العالم، وخصوصًا في ظلّ التطورات التكنولوجية المتسارعة التي أفرزتها الثورة الصناعية الرابعة التي أتاحت لها الوصول إلى شرائح المجتمع كافة من خلال أدوات جديدة أسرع انتشارًا وأقلّ كُلفة. 
وخلال المرحلة الراهنة، توظَّف وسائل الإعلام بشكل مكثّف لإدارة كثير من الأزمات التي تواجهها الدول، وذلك لضمان تعاملٍ أكثر كفاءة مع هذه الأزمات ومواجهتها على النحو الأمثل، وقد بات دور ما يسمى وسائل الإعلام الجديد محوريًّا خصوصًا أنها أصبحت أكثر انتشارًا وفاعلية مقارنة بوسائل الإعلام التقليدي التي تراجع دورها بشكل لافت للنظر. 
ومن هنا، كان الإعلام ركنًا أساسيًّا في استراتيجية دولة الإمارات لمكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، ويؤكد حرصُ الحكومة على تقديم إحاطات إعلامية دورية بشأن هذه الجائحة إدراكَها للدور الكبير الذي يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام في هذا السياق، وأهمية توظيفها لمواجهة هذه الأزمة التي تشكِّل تحديًّا كبيرًا لدول العالم كافة. 
وقد قامت وسائل الإعلام الوطنية، بالفعل، بدور كبير في دعم جهود الدولة لمكافحة هذه الجائحة، وهي الجهود التي حقّقت الكثير من النجاحات التي أشاد بها العديد من الدول والمنظمات المعنية، وذلك من خلال دور تلك الوسائل في توعية الجمهور بالخطر الكبير الذي يمثّله فيروس «كوفيد-19»، وأهمية التجاوب مع الجهود الحكومية لحصاره ومنع انتشاره، من خلال الالتزام بتطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية. 
كما يقوم الإعلام بدور كبير خلال هذه الفترة في حثّ الجمهور على تلقِّي اللقاح، باعتبار ذلك هو الطريق الوحيد للتعافي من هذه الجائحة، وعودة الحياة إلى طبيعتها. وقد نجحت وسائل الإعلام في القيام بهاتين المهمتين على نحو كبير، وكمؤشر على النجاح في هذا المضمار تمكن الإشارة إلى الإقبال الكبير من قِبل مختلف شرائح المجتمع، مواطنين ومقيمين، على تلقِّي اللقاح، حيث بلغ عدد من تلقَّوه أكثر من 4 ملايين ونصف المليون شخص. 
وفي ظلِّ هذه المرحلة الحرجة لمكافحة جائحة كورونا على المستوى العالمي بأكمله يبدو أن هناك حاجة ملحّة لأن تقوم وسائل الإعلام بدور أكثر فاعلية لتحقيق هدف التعافي في أسرع وقت ممكن من تداعيات هذه الجائحة التي تمثل تحديًّا لم يشهد له العالم مثيلًا منذ الحرب العالمية الثانية، وذلك من خلال بذل المزيد من الجهود على محورين أساسيّين: أولهما، تأكيد الأهمية القصوى لاستمرار الالتزام بالإجراءات الوقائية والاحترازية، مثل ارتداء الكمامات والحفاظ على التباعد الجسدي، لأن التعايش مع الفيروس ربما دفع بعض الناس إلى التراخي، وهو ما أدى إلى ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، إذْ تشير الإحصائيات الرسمية الخاصة بالوضع في دولة الإمارات إلى ارتفاع ملحوظ خلال الشهرين الأخيرين في عدد المصابين والمتوفين على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها المؤسسات المعنية، ما يعني أنَّ جميع أفراد المجتمع مطالبون بزيادة الالتزام ودعم هذه الجهود، وهذا ما يجب أن تحرص وسائل الإعلام على تأكيده بشدة. وثاني المحورين فيتمثّل في أنها مطالَبة بمواصلة تشجيع كل أفراد المجتمع على تلقّي اللقاح من خلال بيان الأهمية القصوى لهذه الخطوة ودحض الشائعات الزائفة التي يروّجها بعضهم حول لقاحات كورونا بأنواعها المختلفة.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.