حضور الإمارات العالمي يتعمق يوماً تلو الآخر، ليتجاوز حدود الجغرافيا، إذ أن شجاعتها على طرح الأمل، يفتح مسارات النور والحرية، العلم والتجربة، الإقدام وليس الإحجام. إنها قصة نجاحات باتت تدهش القاصي والداني، وليس آخرها هذا النجاح الكبير لوصول «مسبار الأمل» الإماراتي إلى مداره حول كوكب المريخ.
وصل المسبار إلى مدار الكوكب الأحمر في الذكرى الخمسين لتأسيس الدولة. والنفوس الكبيرة لا تتوقف رؤاها وآمالها وأحلامها عند الحاضر قط، بل تتجاوزه إلى المستقبل، وهذا ما تبدى واضحاً من خلال كلمة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، غداة إعلان النبأ السار، حين اعتبر تلك اللحظة أجمل انطلاقة للاستعداد للخمسين سنة المقبلة.
قصة «المسبار» ستروى للأجيال القادمة عن تجربة علمية، سيرة ومسيرة لقوة الإرادة الخلاقة القادرة على أن تحول الأحلام إلى واقع، قصة عكست إرادة التقدم الإماراتية، تلك الإرادة التي انتصرت على كل التحديات، عبر الشباب المسلح بالمعرفة، والذي حقق أهم إنجاز علمي عربي في العصر الحديث.
نهار الثلاثاء الفائت، وقبل أن يصل «مسبار الأمل» إلى مداره في رحلته إلى الكوكب الأحمر، المريخ، تحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إلى الإماراتيين والعالم، وضمن ما قاله أنه حتى ولو لم يصل المسبار إلى المريخ، فإن الإمارات ستكون قد دخلت التاريخ.
وصل المسبار إلى مداره، كنتاج لعمل دؤوب استمر لست سنوات، بذل فيها أكثر من خمسة ملايين ساعة عمل لتضحى الإمارات خامس دولة تصل إلى المريخ في التاريخ المعاصر.
حين أهدى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة هذا الإنجاز الاستثنائي لزايد الخير، طيب الله ثراه، كانت أمنية الراحل الكبير تتحقق في عياله بالإرادة والعزيمة والتصميم.. مبروك للأشقاء الإماراتيين.
عدة ملاحظات يمكن للمرء أن يرصدها، وهو يتناول شأن النجاح الإماراتي الأخير، وفي المقدمة منها اللغة التي استخدمها قادة الإمارات في إعلانهم النبأ السار، إذ لم يعتبروا أن الأمر نجاح يخص الإماراتيين فحسب، بل إنهم من خلال تهنئتهم الشعوب العربية والإسلامية الشقيقة والصديقة، فكأنهم قدروا أن التجربة ونجاحها، تخص أيضاً هؤلاء وأولئك، لا سيما من الساعين في دروب التنوير، وطرق النهضة. الإمارات عودتنا على الثقة في الله سبحانه وتعالى أولاً، ومن ثم في الذات، وبخاصة عبر الأجيال الشابة التي تُمسك المستقبل، أجيال واثقة بأنها تستطيع إن تنافس بقية الأمم والشعوب.
ردات فعل عربية مرحبة وسعيدة بهذا الإنجاز الكبير، وفي كلمات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ما يعبر عن ذلك، إذ اعتبر أن وصول «مسبار الأمل» إلى مداره حول المريخ، خطوة غير مسبوقة في مجال البحث العلمي، خطوة تبشر بنهضة علمية في المنطقة العربية، ومعتبراً أن العقل العربي لا يعرف المستحيل، وأبعد من ذلك مشيراً إلى أنها لن تكون التجربة نهاية المطاف في استكشاف آفاقٍ جديدة في عالمنا الكبير، لا سيما وأن العقل العربي لا يعرف المستحيل.
وفي رصدنا أيضاً نجد ردات الفعل العالمية المهنئة والمباركة، كما الحال مع وكالة «ناسا»، تعبر عن شراكة إماراتية على مستوى عالمٍ يبحثُ عن الحياة والنماء، وعن ارتياد الفضاء لخير الإنسانية، وللتطلع إلى فرص أفضل لترقية الإنسان على الأرض.
*كاتب مصري