من الواضح أن النائبة «مارجوري تايلور غرين» لا تكترث كثيراً لآراء زملائها في الكونجرس حولها: ففي اليوم الذي جُرّدت فيه من مهامها في اللجنة، رداً على سجلها الطويل في الخطاب المقيت المتعلق بنظريات المؤامرة، كانت تفتخر شخصياً وعلى «تويتر» بكيف أن هذه العقوبة معناها أنها سيصبح لديها مزيد من الوقت الحر، لكن الخطير أيضاً هو أنها لا تكترث كثيراً، على ما يبدو، لرأي حزبها فيها. 
في الماضي، كان فقدان مهمة في إحدى اللجان التابعة لمجلس النواب يعني نهاية مسار النائب أو النائبة المعنية في الكونجرس. فشخص «زومبي» من دون مقعد في إحدى اللجان هو شخص يعاني من إعاقات كبيرة. وهذه المقاعد مهمة للغاية بالنسبة لقدرة عضو على «تحقيق النجاح». فأي عضو في مجلس النواب –وخاصة إذا كان منتخَباً حديثاً– يكون معرّضاً لتحديات كبيرة في كل من الانتخابات التمهيدية والانتخابات العامة إذا كان عاجزاً عن القيام بذلك. 
غير أن أي شيء من هذا لم يعد ينطبق على واقعنا اليوم. وبدلاً من ذلك، يبدو أن غرين تحب محاكاة شخصيتها المفضلة في سلسلة «حرب النجوم»، وهي «أوبي وان كينوبي» الذي يقول: «إذا ضربتني، سأصبح أقوى مما يمكنك تخيله».
فخلال الـ48 ساعة التي سبقت التصويت عليها في مجلس النواب، تمكنت غرين من جمع 325 ألف دولار من المساهمات. ذلك أنها كانت (وربما ما زالت) تعمل بنشاط وهمة على جمع التبرعات من الحريق المهول الذي أشعلته. ولكنها ليست الوحيدة. فالسيناتور «جوش هولي» الذي يُعد وجه تحدي الحزب الجمهوري للتصديق على انتخاب الرئيس جو بايدن في الكونجرس، وهدفاً لغضب الحزبين عقب الهجوم على مبنى الكونجرس، أبلى أيضاً بلاءً حسناً في ذلك، إذ تمكن من جمع مليون دولار منذ 6 يناير الماضي، وهو أفضل شهر بالنسبة له منذ انتخابه في عام 2018. 
هل يبدو لك هذا مألوفاً؟ الواقع أنه يتماهى تماماً مع أسلوب دونالد ترامب. ففي عام 2016، قلب ترامب عملية التعيين داخل الحزب الجمهوري رأساً على عقب، مستغلا شهرته من أجل الالتفاف على حراس البوابة على المستوى الوطني ومستوى الولايات. وبحلول عام 2020، أضحت سيطرته على الحزب جد مطلقة، لدرجة أن لا أحد تجرأ على تحديه، لا أعضاء لجان الحزب ولا المسؤولين المنتخبين. وحقيقة أن 45 من جمهوريي مجلس الشيوخ يبدون رافضين لعقد محاكمة عزل لترامب، إنما تشير إلى أن سيطرته على الحزب ما زالت قوية. 
هذا الواقع الجديد جيد جداً بالنسبة للسياسيين كأفراد. لكن كيف هو الأمر بالنسبة للأحزاب، التي تُعد المركبات التقليدية التي يستقلها السياسيون لبلوغ مناصب أعلى؟ بالطبع، ما زال من المبكر جداً التنبؤ بشأن انتخابات 2022. غير أن هناك مؤشرات من العام الماضي على أن الجمهوريين قد يكون لديهم سبب للقلق بشأن ربط الناخبين لغرين بالحزب. 
فالإشارات المستمرة إلى النائبة الديمقراطية ألكسندريا أوكازيو كورتيز و«الاشتراكيين» الآخرين، أضرت على ما يبدو بالحزب الديمقراطي في الخريف الماضي، إذ أدت إلى خسارات ملحوظة في مجلس النواب وآذت فرص الحزب في مجلس الشيوخ. وعلى كل حال، فإن السيناتور الديمقراطي جو مانشن يعتقد هذا قطعاً، وإن كانت أوكازيو كورتيز لا ترى الرأي نفسه. 
الديمقراطيون يعوّلون على عكس هذه النتيجة في انتخابات 2022، إذ يعتزمون تذكير الناخبين بكل جمهوري صوّت لصالح الإبقاء على غرين في لجانها. وقد تكون غرين النظيرَ اليميني لأوكازيو كورتيز، وإن كانت ربما أكثر خطورة لأنه بدون لجنة، لن يكون لديها سبب قوي للتحلي بالمسؤولية. ونظراً لأنها باتت متحرّرة من الاضطرار للقيام بعمل «ممل» داخل اللجنة، فإنها تستطيع الآن قضاء وقت أكثر في دائرتها الانتخابية وتطوير قاعدة وطنية متزايدة. 
الأسبوع الماضي، ولإدراكها لدور العواطف في كسب التعاطف والدعم، تقاسمت أوكازيو كورتيز مع متابعيها في مباشر على إنستغرام مشاعر الرعب التي أحست بها يوم 6 يناير. وبالطريقة نفسها تقريباً التي يعتمدها أي مؤثّر على إنستغرام. فمثل هذه الأساليب تربطها بأنصارها بطريقة أقوى بكثير من طرق التواصل السياسي التقليدية. وبالتالي، فربما يجدر بنا أن نتوقع من غرين، النشطة أصلا على وسائل التواصل الاجتماعي، أن تحذو حذو أوكازيو كورتيز قريباً. 
وخلاصة القول هي أن العلامة التجارية لأي سياسي وتأثيره في ثقافة اليوم أهم من مكانته داخل بنية الحزب الذي ينتمي إليه. ولعل التحدي بالنسبة للأحزاب اليوم –وهو تحدٍّ تتجاهله بثمن قد يكون باهظاً– هو كيف تتجنب دفع العقوبة بسبب فاعلين سياسيين أحرار ومبدعين (وأحياناً متهورين) ولاؤهم الوحيد هو للطموح الشخصي؟

*كاتب وصحافي أميركي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»