في الأسبوع الثاني من فبراير 2021، ينشغل الأميركيون بحدثين كبيرين؛ هما محاكمة العزل الثانية للرئيس السابق دونالد ترامب، وحالة الفوضى والارتباك التي طبعت عملية توزيع اللقاحات الضرورية لإبطاء انتشار فيروس «كوفيد-19» ووقف تفشيه. 
محاكمة العزل بدأت يوم الثلاثاء التاسع من فبراير الجاري في مجلس الشيوخ الأميركي. إذ يُتهم ترامب بالتحريض على التمرد ضد سلطة الولايات المتحدة، مما أدى إلى هجوم أنصاره على مقر الكونجرس (برلمان البلاد) في السادس من يناير المنصرم. يومئذ كان الكونجرس يعقد جلسة مشتركة من أجل تأكيد فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية بشكل رسمي. والكثير من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب كانوا حاضرين، وقد اضطروا للاختباء والفرار من أجل النجاة بأنفسهم بطريقة ما من الغوغاء العنيفة التي اجتاحت مبنى الكابيتول. وقد قُتل في تلك الأحداث خمسة أشخاص وجُرح المئات، بمنْ فيهم العديد من أفراد شرطة الكونجرس. 
المحاكمة من المتوقع أن تستغرق حوالي أسبوع، وجزءٌ كبير من الأدلة سيكون عبارة عن مقاطع فيديو للأحداث المروعة التي شهدها السادس من يناير. ولئن كان من غير المتوقع أن يدين ثلثا مجلس الشيوخ ترامب، فإن عدداً من «الجمهوريين» من المحتمل أن ينضموا إلى «الديمقراطيين» ويصوّتوا لصالح قرار الإدانة. وإذا وقع هذا، فإنه سيمثّل تصويتاً من كلا الحزبين ضد ترامب، وسيفاقم التصدعات التي بدأت تظهر داخل الحزب الجمهوري بعد هزيمته في انتخابات نوفمبر الماضي. 
أما في ما يتعلق بالجهود الرامية إلى إنهاء وباء فيروس «كوفيد-19»، فلا شك أن السرعة العالية التي طوّر بها المجتمع العلمي وشركات الصيدلة الدولية لقاحات ضد الفيروس، تمثّل واحدةً من قصص النجاح في المعركة ضد الوباء العالمي. غير أن الأقل نجاحاً هي جهود توزيع اللقاحات على الفئات المختلفة من أفراد المجتمع الذين يحتاجون إلى التلقيح بشكل عاجل.
وبالنظر إلى الارتباك وانعدام الكفاءة اللذين أخذا يظهران مع تلقي عدد متزايد من البلدان للقاحات المختلفة، يصبح الموضوع مسيّساً أكثر بشكل لا مفر منه. ومن بين المشاكل المطروحة الحجمُ الهائل للجهود المبذولة لمعالجة ملايين الأشخاص في أسرع وقت ممكن من دون بروتوكولات واضحة حول أفضل طريقة لتوزيع الجرعات. 
ومما زاد تعقيد المشكلة في الولايات المتحدة تغيّر الإدارة وحقيقة أنه خلال الفترة الانتقالية تعذّر على فريق بايدن جمع بيانات مفيدة حول خطة فريق ترامب لعملية توزيع وطنية للقاحات المعتمدة. غير أن بايدن جعل من التوزيع السريع للقاحات إحدى أهم أولوياته. ولجأ بشكل أكبر إلى الاستعانة بالإمكانيات والأجهزة الفدرالية، بما في ذلك الجيش الأميركي، لوضع خطة عمل وطنية منسقة. ولا شك في أن هذا تقدم واضح، غير أن الكثير من المشاكل تتعلق بالمراحل الأخيرة من العملية: كيف تسجل الأشخاص الأكثر احتياجاً إلى اللقاح؟ وكيف تضمن أن هؤلاء الأشخاص قادرون على تلقي اللقاح؟ 
إحدى أكبر المشكلات تتعلق بحقيقة أن الأشخاص المسنّين الذين على قائمة ذوي الأسبقية هم من الأقل قدرةً على القيام بإجراءات أخذ مواعيد. والواقع أن مجرد القيام بطلب موعد للتلقيح هو أمر صعب. فالاتصال بوساطة الهاتف يمكن أن يؤدي إلى فترات انتظار طويلة قد تصل لساعات، ليقال لك في نهاية المطاف إنه لم تعد هناك مواعيد متاحة. كما أن الكثير من الفقراء وكبار السن ليست لديهم إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت، وإن كانت لديهم، فإنهم غالباً ما لا تكون لديهم دراية بكيفية استخدام الحواسيب المحمولة أو الهواتف المحمولة. وإذا نجحوا بمساعدة أحد ما في الحصول على موعد لتلقي جرعة اللقاح، فإن الكثير منهم لا يسوقون السيارة وقد يجدون صعوبة في استخدام وسائل النقل العامة. أما بالنسبة للملايين الذين لديهم إعاقات جسدية، فإن التحديات أكبر حجماً وأكثر صعوبةً. وتتمثل الصعوبات الأكبر بهذا الخصوص في ما يواجهه الأميركيون الذين يعيشون في المناطق الريفية النائية أو الحضرية الفقيرة. 
لقد وعد بايدن بأن 100 مليون أميركي سيتلقون جرعاتهم الأولى من اللقاح خلال مئة يوم الأولى من رئاسته. ونظرياً، يُعتبر هذا هدفاً قابلاً للتحقيق. وهذا الهدف، إلى جانب توفير مزيد من المساعدات المالية المخصصة لإغاثة الفقراء والعاطلين، هو الذي سيحدد نجاح إدارته الجديدة أو فشلها.