إننا ننشئ حياتَنا وقيمنا عبر معرفتنا بالكون المحيط بنا، بدءاً من الأرض فالكواكب والشموس والمجرات.. هكذا عرفنا الله والعدل والمبادئ المنظمة للحياة، فالإنسان في قيمه ومعاشه صورة للكون، وينجح في استخلاف الله له على الأرض بمدى معرفته للكون. هكذا ندرك العدل والانضباط في الكون والحياة، ونفهم أيضاً القوانين العلمية والطبيعية التي تساعدنا في حماية الكوكب والحياة والكائنات، ونوظف معرفتَنا بالطقس وبالمخاطر والكوارث المحيطة لنعيش حياةً أفضل وفي سلام وازدهار.
وبمشروع دولة الإمارات العربية المتحدة لاستكشاف الكوكب الأحمر (المريخ) فإننا نشارك العالم في مسؤولياتنا تجاه أنفسنا والحياة بعامة، لنوظف معرفتنا واكتشافنا لتحسين الحياة وتقليل المخاطر، كما أننا نكون جزءاً من العالم يتقبّلنا ونتقبّله، ونضيف إليه أيضاً.
وسوف نقترب، بفضل القياسات والملاحظات والمعلومات التي يجمعها ويحللها «مسبار الأمل»، من فهم أفضل للغلاف الجوي والطبقات العليا منه والمجموعة الشمسية والجاذبية والطاقة والجسيمات السابحة في الفضاء، وتوازن الطاقة.. وقد يساعدنا ذلك في التنبؤ على نحو أفضل بالطقس وحركة الرياح والأعاصير وتطوير الملاحة الجوية والبحرية، كما الزراعة والمناخ والتغيرات التي تجري في هذا المجال وتؤثر على حرارة الأرض ونشاط الإنسان عليها. 
مشروع الإمارات لاستكشاف الفضاء ليس ترفاً ولا معرفة ثانوية، بل يمثل مجموعة من الأولويات شديدة الأهمية في سياق البحث العلمي والاستكشاف الكوني، كما أنه وسيلة لاندماج العرب في الحراك العلمي والمعرفي للعالم، وتحسين صورتهم وتقليل العداء لهم. وأخيراً فهو مسؤولية إنسانية وعالمية تتحملها الإمارات ويجب أن يشارك العرب والمسلمون جميعاً فيها، لأن قيم الأخوّة الإنسانية والعيش المشترك والفرص الإيجابية للعولمة تقتضي بالضرورة المشاركة في المسؤوليات العالمية، ومنها الحفاظ على العالم نظيفاً خالياً من الحروب والصراعات والتلوث وصالحاً لأن نعيش عليه نحن والأجيال القادمة وجميع الكائنات الحية والمكونات البيئية. كما أن المعرفة العلمية للطقس والمناخ قد تساعدنا على تطوير الحياة والزراعة في الصحراء والمناطق الجافة وفي الحماية من التقلبات والكوارث الجوية.. إلى غير ذلك من الأغراض والأهداف العملية للمشروع مما لا يمكن حصره في مقال واحد. 
ونعلم جميعاً موقع العرب في سلم البحث العلمي والإنفاق عليه، ولا أريد هنا أن أشارك في جلد الذات، فنحن نعيش مناسبة جميلةً ومفرحةً، وهي استكشاف المريخ والكون بريادة إماراتية عربية، وهذه ليست فقط حالة من الزهو والفرح (ولا بأس في ذلك طبعاً)، لكنها حالة إدراك لمرحلة قادمة تنطوي على كثير من المسؤوليات والتحديات، ولا مكان فيها لنقص المعرفة المتقدمة والدقيقة، والأشد صعوبة أن معظم ما لدينا وما لدى الأمم الأخرى أيضاً من معارف وتجارب عملية لم يعد يصلح للمرحلة القادمة، لأنها على قدر من التغير يعصف بكل منجزات الحضارة في القرون السابقة. وقد رأينا ذلك بوضوح في جائحة «كوفيد-19» حيث أسعفتنا التقنيات والمعارف الجديدة التي لم يكن معظمنا يأخذها بجدية، بل وينظر إليها كتهديد حضاري واقتصادي. وعرفنا أيضاً الأولويات الجديدة المتمثلة في الصحة والغذاء والبيئة والتضامن العالمي وقيم المشاركة والتقدم والمسؤولية الفردية والاجتماعية. 
الإمارات اليوم تأخذ موقعها اللائق والكريم بين أمم العالم في المشاركة والتضامن والإسهام الإيجابي والمسؤولية العالمية، كما تأخذ بزمام المبادرة العربية والإسلامية من أجل عالم أقل خطراً وأكثر سلاماً وازدهاراً.