منذ تاريخ إطلاق مسبار الأمل يوم 20 يوليو من العام الماضي، أعلنت الإمارات، رسالة حضارية ترسخ مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كبوصلة ومنارة مضيئة على العالم، نحو كل ازدهار وتطور، قبل أن يكون مشروعاً علمياً لاستكشاف الفضاء الخارجي. 
ولقد انتقت دولة الإمارات العربية المتحدة بأناقة فائقة «كعادتها»، حدثاً رائعاً يسطر الإنجازات الطموحة بوصول المسبار إلى المريخ بحلول عام 2021، الذي سيجمع هذا الحدث الضخم، والذكرى الخمسين لقيام اتحاد الإمارات، الذي يُشرف. 
يعتبر «مسبار الأمل» خطوة براقة من الناحية العلمية، مضيفاً بثماره المزيد من المعطيات القادرة على تكوين الفهم الأكثر عمقاً، لدراسة التغيرات المناخية على سطح كوكب الأحمر «المريخ»، كما سيسهم في إثراء الدراسات القائمة على أبحاث تأثير التغيرات المناخية على المريخ في تشكيل ظاهرة «هروب غازي الأكسجين والهيدروجين» من الغلاف الجوي للمريخ، ناهيك عن كم الدراسات الأخرى التي ستبنى على ذلك. 
هذا الإنجاز الضخم يعد قفزة نوعية، من الناحية التموقعية الدولية لمكانة ووزن دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها محطة مستقبلية عالمية مزدهرة، مشجعة على التعاون الدولي الذي يصب في ذات المجال، كما يعتبر شعلة أكاديمية رافعة ودافعة بمستوى الكفاءات الإماراتية في مجال استكشاف الفضاء، وتشجيعهم على إلقاء «صنارة» طموحهم لأبعد مما هو مرئي، وبخاصة أن المعرفة العلمية هي لبنة الأساس لمشروع بناء اقتصاد مستدام مرتكز عليه، وأما من الناحية التربوية والأخلاقية، فيعد المسبار كفسيل أخضر يانع في أفئدة الناشئة قبل عقولهم، ورسالة راسخة في منظومتهم الفكرية لتهديم كافة حواجز والمعيقات، والتحديات المستقبلية التي تصادفهم أثناء تحقيق حلمهم.
كل إنجاز عظيم كان يوماً ما حلماً، دامت الإمارات وطناً باهياً ومتباهياً به كل من عرفه بمقدراته وإنجازاته ورقي طموحه الذي لم يكن يوماً وليد الصدفة، بل هو ميراث مشرف تناقله شيوخ الإمارات الأوفياء من الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي بدأ بخط ملامح هذه الرحلة منذ عام 1974، باستقباله مدير المتحف الأميركي الوطني لرحلات الفضاء آنذاك الدكتور «فاروق الباز»، إضافةً لإهدائه لوحة تذكارية للمركبة «أبولو» معتلية سطح القمر لأحد رواد الفضاء الأميركيين، ليلحقها بعد أعوام - رحمه الله - باستقبال رواد فضاء أميركيين آخرين في إشارة لاستمرارية رعايته للهدف المنشود الذي بدأ التخطيط له من بين «كفي العطاء»، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - رحمه الله -، والتي توجت بعدة مشاريع متلاحقة، خرجت بتأسيس وكالة الإمارات للفضاء عام 2014، وغيرها من الخطوات المتسارعة والسباقة، وصولاً لـ «مسبار الأمل»، فلا يزال وسيبقى أريج إرادة الشيخ زايد المثابرة في التاريخ لأنه الأب الباني للاتحاد، الحاني على الإنسانية، راعي المحبة، والتعايش، واحترام المرأة، وتقدير الطفولة. 
وفي «مسبار الإمارات»، الذي لا تنفك تخطط له وتديره الأيادي الإماراتية الفذة، بإشراف، وتمويل وكالة الإمارات للفضاء، إضافةً لسخاء البذل الساعي لتطويره من قبل مركز محمد بن راشد للفضاء، بالتعاون مع شركاء دوليين، نقول بأنه وبلا شك فإن الحلم الممتد من «زايد العطاء» والذي يتحقق بحكمة شيوخ الإمارات، يبصر أفقاً بلا حدود، ويجد جذوراً نضرة في كل أرض خصبة.