عقد «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» منتدى عبر الإنترنت في 1 فبراير بعنوان: «بناء الجسور من أجل السلام: سياسة الولايات المتحدة تجاه الدول العربية»، وقد أوضح معالي يوسف العتيبة، سفير دولة الإمارات في الولايات المتحدة، عدة نقاط أهمها: الشرق الأوسط ليس الأولوية الأولى لإدارة بايدن، تعليق بيع F-35، والتطور في اتجاه بعض دول المنطقة. 
عندما سئل السفير عن تعليق بيع F-35 إلى الإمارات كانت إجابته دبلوماسية ومنطقية، وقد وصف الإجراء بأنه عمل روتيني كون الصفقة تمت قبل تولي الإدارة الجديدة بأسابيع قليلة. وقد أكد في لقائه: «أننا فعلنا كل شيء كما يجب، وسيكتشفون ذلك فور استكمال المراجعة وستتم (الصفقة)»، واصفاً المراجعة بأنها «شكلية». لكن عدم الدقة كان في عناوين الصحف التي ذكرت، تسميات غير صحيحة، من بينها: «تجميد مبيعات» الإمارات أو «إيقافها مؤقتاً» وهذا ليس صحيحاً. 
ثم نوّه السفير أيضاً إلى نقطة مهمة، إذا كانت منطقة الشرق الأوسط ليست من أولويات الإدارة الأميركية الجديدة وتنوي للاتجاه على قوى تمثل تحدياً أكبر مثل الصين وروسيا، فلا بد من تمكين الشركاء بالأدوات اللازمة. فلا يمكن أن تكون المشاركة الأميركية أقل في الشرق الأوسط وفي الوقت نفسه تؤخذ الأدوات من الشركاء وأيضاً يتوقع منهم فعل المزيد. فتمكين الحلفاء في المنطقة من الأدوات اللازمة هو في الواقع لصالح الولايات المتحدة إذا كانت بالفعل تريد أن تركز أكثر على آسيا وغيرها وبشكل أقل على الشرق الأوسط. 
كذلك من أهم ما ورد في مداخلة العتيبة، القول: «نحن نتحرك بعيداً عن الأيديولوجيات ومنهجنا عملي واقعي للغاية. تركيزنا على تحسين اقتصادنا وأمننا الوطني ونوعية الحياة». وقد أثبت هذا المنهج أنه سبب استقرار ونمو دول الخليج، فمثلاً من أهم أسباب نجاح الاتفاقيات الإبراهيمية وتحديداً «سلام الشعوب»، والمعروف أيضاً باسم «السلام الدافئ»، والذي ظهر بشكل واضح في الإمارات، هو أن الدولة أنشأت مجتمعاً منفتحاً يرحب بالتنوع والشمول والاحترام المتبادل بعيداً عن الأدلجة سواء القومية والإسلاموية، لذلك كان النجاح ليس فقط على المستوى الرسمي، بل أيضاً الشعبي وخاصة بين فئة الشباب ومجال الأعمال.
لذلك فإن إشكالية الإدارة الأميركية الجديدة تتمثل في كيفية سعيها للتوافق بين دول واقعية عملية مبادئها الأساسية ترتكز على التنمية والتعايش، ودول وأنظمة مؤدلجة مبادئها مغايرة ومعاكسة تماماً، خاصة مع نية أميركية لتقليل الحضور في المنطقة، وهذا أكبر تحدٍ لنجاح الانضمام مجدداً إلى ما يُعرف بـ«خطة العمل الشاملة المشتركة» مع إيران، وهو ما كرره أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، أحد أكبر «إخفاقات» الاتفاقية «افتقارها للصوت الإقليمي». إن الاتفاق الإقليمي يصعب تحقيقه في ظل وجود تيارين متناقضين تماماً، خاصة لأن احتواء الخلافات في هذه الحالة معناه سيكون على حساب الأمن الوطني للمنطقة.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي.