أعتقد أن مسلمي الروهينجا في حاجة ماسة إلى حملة إنقاذ بعد الانقلاب العسكري، الذي وقع في ميانمار صباح الاثنين الماضي، إذ إن قائد الجيش الذي حكم البلاد كان على رأس مضطهديهم، وهو وضع قاس لم يبرأوا منه حتى مع الحكم المدني على يد المستشارة أونج سان سوكي الحاصلة على جائزة نوبل في السلام.
وأتصور أن تحرك الدول الإسلامية دبلوماسياً قد حان وقته، ليس بالضرورة من منطلق ديني، إنما من منطلق ومنطق إنساني، وهو واجب على كل آدمي أن يفزع لتعذيب وقتل وتخريب دار أي إنسان مهما كان دينه أو عرقه أو طبقته أو جهته، أما الدول الغربية فإن تحركها ضرورة وكذلك الدول الآسيوية الكبرى مثل الهند وأندونيسيا. 
من أسف فإن الدول الإسلامية لم تتحرك حيال مأساة الروهينجا مثلما سبق لها أن فعلت مع أزمات البوسنة أو أفعانستان، حيث تحرك الغرب فذهب المسلمون خلفه، مع أن أوروبا والولايات المتحدة الأميركية لم تهتم بمسلمي البوسنة وكوسوفو، حباً في الإسلام، إنما لتصفية آخر جيب للاشتراكية في أوروبا، فاهتم المسلمون، مدفوعين بدعاية سياسية رهيبة وتعبئة صارخة، وجمعوا النقود وأرسلوا قوافل الإغاثة، ورفعوا لافتات لعفة الأخوات اللاتى اغتصبهن ذئاب الصرب. وحدث الأمر نفسه في أفغانستان حين اهتم بها الغرب لنصب فخ للقوات السوفييتية المحتلة. 
أما مشكلة مسلمى ميانمار فلا يهتم بها الغرب بالقدر الكافي، مع إنهم يتعرضون لتطهير عرقي وديني يترجم في مذابح وحشية وتهجير قسرى وسجن، علاوة على فرض الإفقار والأمية، ومع إهمال الغرب لا نسمع صوتاً مدوياً للمسلمين في العالم العربى. 
إن قائد الانقلاب الحالي مين أونج هلاينج مطلوب التحقيق معه أو ملاحقته قضائياً أمام محكمة دولية بسبب الإبادة الجماعية التي تعرض لها الروهينجا، وهو ما اشترطته يانجي لي مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في ميانمار خلال زيارة لها لتايلاند قبل سنتين حتى يمكن التفكير في عودة مئات الآلاف من اللاجئين المنتمين للروهينجا، والذين فروا من ولاية راخين غرب ميانمار بعد حملة شنها الجيش في 2017.
وقد خلصت بعثة لتقصي الحقائق من الأمم المتحدة بشأن ميانمار في عام 2018 إلى أن حملة دُبرت بنية الإبادة الجماعية، وأوصت بتوجيه اتهامات لقيادات عسكرية بارتكاب ما وصفتها بأفدح الجرائم التي يعاقب عليها القانون الدولي، بدعوى مكافحة الإرهاب، وفق الرواية التي يتباها الجيش دوما، خالطاً بشكل فادح بين عموم مسلمي الروهينجا وأي تنظيمات صغيرة يمكنها أن تتبنى أفكاراً عنيفة رداً على المجازر والمذابح التي يتعرض لها المسلمون. 
إن أحداً لم يطالب أي دولة مسلمة بأن ترسل قوات أو تسمح بذهاب منتمين إلى تنظيمات متطرفة تحت عباءة الجهاد، لكن يمكنها استغلال الضغط الدولي الذي بدأ على حكام ميانمار المنقلبين والتدخل الدبلوماسي لحماية المسلمين، ولتكن البداية الاعتراض على ما يجري للروهينجا، وطرح الموضوع عاجلاً على منظمة المؤتمر الإسلامي، وتحرك مندوبي الدول العربية والإسلامية في الأمم المتحدة.. وهو موقف بسيط، لن يكلف هذه الدول شيئاً مادياً ولا يرتب عليها أي أعباء أو عواقب، لكنه واجب يكسبها احترام كل من يدافع عن حقوق المظلومين في العالم، ويكون نواة صلبة وقوية لصناعة رأي عام دولي يضغط على حكام ميانمار الجدد، الذين يعرف القاصي والداني موقفهم من قضية الروهينجا، بل إن الحاكمة المدنية الحاصلة على نوبل في السلام واصلت اضطهادهم لإرضاء الجيش، فما بالنا بعد أن تولى هو مقاليد الحكم في البلاد.