الإمارات بادرت بإطلاق وثيقة «الأخوة الإنسانية»، والعالم تجاوب لاستحداث «اليوم العالمي للأخوة الإنسانية» في 4 فيراير من كل عام. فالإمارات غرست بذرة هذه الأخوّة في أرضها التي تحوي أكثر من 200 شجرة بشرية من كافة الأصقاع بلا تفرقة بين جنس أو لون أو دين أو عرق أو طائفة. اتخذت الإمارات هذا النهج للتصدي لمشكلة الإرهاب التي تحالف من أجل مواجهتها ما يزيد على 70 دولة من الوزن الثقيل، للتخلص من الماء الثقيل للخطر الأيديولوجي، الأشد أثراً من القنبلة النووية. 
«الأخوّة الإنسانية»، هو المسار السليم إلى الوحدة الإنسانية، عندما نضم مفهوم «نحن وهم» في عائلة إنسانية، يمكن تسميتها بالعالمية، التي تتجاوز الحدود المصطنعة بين البشر.
هذه هي الخارطة التي يمكن أن نحولها لكي تنير حياتنا لنفهم العالم بصورة أفضل لصياغة المستقبل المشترك للإنسان، أينما كان ما دام أنه قبل المكان.
لقد اعتبر محيي الدين بن عربي الفيلسوف الأندلسي أن حقيقة العبودية هي احترام جميع مخلوقات الله من البشر إلى الحجر من الطير إلى المدر، ومن الشجر حتى الثمر، وبغير ذلك لا نكون قد عبدنا الله حق عبادته، لقد قيل في بعض الأمثال بـ«بأن الجنة بلا ناس ما تنداس» فلا طعم لجنة الدنيا أو الآخرة من دون أناس تتعايش معهم، فالأخوة هي الجامعة حتى مع وجود العداوات الكامنة بين البشر.
فالقرآن أقر لنا بهذه الحقيقة عندما قال الله تعالى في محكم آياته: «عسى الله أن يجعل بينكم وبين اللذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم»، وعسى في حق الله تحقيق وليست أمنية معلقة.
وفي هذا المعنى يقول يسوع في إنجيل متى «لكن ما أقول لكم هو هذا: أحبوا أعداءكم وصلوا من أجل مضطهديكم، بذلك فقط تكونون أبناء أبيكم السماوي الذي يجعل الشمس تشرق على الأخيار و الأشرار على حد سواء». 
ويقول الدلاي لاما: هو حب شامل لا انحياز فيه، حيث «لا نهتم بما هو دينهم، أو جنسيتهم أو موقعهم الاجتماعي بل طالما هم كائنات بشرية، فهم إخوة وأخوات لنا»، ويسمي البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، هذه الحالة الأخوية بالعائلة البشرية، فإنْ كنا نؤمن بوجودها، فيجب بالتالي المحافظة عليها، كعائلة، وكما في كل عائلة، ذلك يكون أولاً من خلال حوار يومي وحقيقي.
ويُحسب للإمارات حسن إدراكها للبعد الإنساني، ومده بمبادرات حضارية لوضع العالم أمام مسؤولياته في الوقوف أمام كل نزعة حارقة للأسس الإنسانية.
فالمتمعن بمقولة الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، بـ«تويتر»: «تختلف اللغات واللهجات حول العالم وتتعدد.. ولكن لغة التسامح ونبذ التعصب والعنف هي لغة عالمية لا يختلف العقلاء على فهمها»، يدرك أن الإمارات في راهنها تقوم بدور رئيس للتقارب بين مختلف الشعوب، وهي ممثلة في دولة التسامح، وهي من يدافع عن العروبة الخالصة والإسلام الذي من نهجه الوسطية والاعتدال، ونبذ التطرف والإرهاب. وتتبني الإمارات مسار السلام العالمي، والمساهمة في بناء أسس الحضارة الإنسانية بكل استحقاقاتها. فقد أدركت الإمارات أهمية وجود قنوات تسعى من خلالها احتواء الأديان وخاصة الدين المسيحي والدين اليهودي، واحتضان المتفق مع الإسلام، والحوار حول المختلف من دون الدخول في أتون الصدام بين الحضارات ولا صراعاتها عبر القرون السالفة.
فالدول التي تؤمن بالمسيحية اليوم، قوانينها المؤسساتية أقرب إلى روح الإسلام في العموم، فعلى أرضها تعيش ملايين من المسلمين الذين هاجروا إليها، والسكان الأصليين الذين اعتنقوا الإسلام بمحض حريتهم.
دولة الإمارات من الأوائل في الدعوة للدخول في سباق الزمن الحضاري، و هو ما يمليه الواقع الذي نتعايش معه.
وهذا الإدراك المبكر هو أسلم وسيلة للتعاطي مع مشكلات العصر، الذي كاد الإرهاب يخطف ثماره السلبية لصالحه، لولا استدراك ذلك عبر الحوار الحضاري، واحترام الفكر الإنساني المشترك.