تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة في هذه الأيام لحظة مفصلية من عمرها، ترتبط بإنجازها التاريخي المتعلق بوصول «مسبار الأمل»، أول مسبار إماراتي وعربي، إلى مداره في المريخ وبدء مهامه العلمية في التاسع من فبراير الجاري، وقد دعا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، شعب الإمارات والشعوب العربية إلى الاحتفال بذلك كإنجاز تاريخي يسهم في وضع العرب على خريطة التميز المعرفي.
ويشير قول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، إن: «الإمارات قادت العرب نحو أبعد نقطة كونية وصلها أي عربي عبر التاريخ»، إلى حجم الفخر الذي تشعر به قيادتنا الرشيدة بهذا الإنجاز التاريخي الكبير، الذي يُعدّ علامة فارقة في تاريخ العالم العربي، ويؤكد دور دولة الإمارات الفريد في العلوم المتقدمة ونجاحها في المجالات التي تتجاوز النفط إلى اقتصاد معرفي ومتنوع. كما يعبِّر قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله: «إن مهمة استكشاف المريخ ترجمة لإرادة التقدم التي تميز بلادنا، وهي تجسيد لريادتنا عربيًّا وإسلاميًّا، ومن خلال هذه الرحلة نستكشف آفاقًا جديدة نحو الأفضل»، عن نجاح دولتنا المتميز في مواصلة إحراز التقدم في مجالات كانت تُقتصر سابقاً على دول عظمى.
إن تسجيل دولة الإمارات بصمة علمية وحضوراً عربيّاً وإسلاميّاً فاعلاً في العلوم المتقدمة، لم يكن وليد المصادفة، إنما كان نِتاج تخطيط وعمل امتد سنوات كثيرة من عمر دولتنا وتصميم قيادتنا وجهود شبابها الذين لبّوا نداء الحكمة والعقل وأدركوا أن ما كان يطمح إليه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، تحوّل إلى واقع وأصبح حقيقة ثابتة لا يمكن التنازل عنها؛ فالشيخ زايد رحمه الله، آمن بالإنسان، وكان يعرف جيدًّا أن الاستثمار فيه هو استثمار بالمستقبل الذي يتطلب مواكبة التطور والتقدم التقني، وعدم الوقوف متفرجاً على كل ذلك، حتى يتحوّل بالمحصلة إلى شريك فاعل في كل ما يحدث من تقدّم.
لقد جاء المنبع الأول لفخر دولة الإمارات بما تحققه من مكانة متقدمة في المؤشرات كافة، وخاصة في علوم الفضاء واكتشاف الكواكب، من أنها أصبحت بالفعل رقماً صعباً في وجه التحديات، فهي تؤمن بأن لا تراجع ولا توقّف عن مواصلة المسير إلى الأمام، ولا تنازل أبداً عن تحقيق الريادة في مؤشرات التنافسية العالمية؛ فبوصول مسبار «الأمل» إلى مداره في الكوكب الأحمر بعد أيام، ستصبح دولة الإمارات الدولة الخامسة التي تنجح في إطلاق مهمات إلى المريخ، والخامسة التي تصل إلى مدار المريخ بنجاح من المحاولة الأولى، الأمر الذي يجعلها تقترب من هدفها الطموح في توفير بيانات علمية شاملة حول مناخ ذلك الكوكب، ويرسخ مكانتها التنموية بدخولها قطاع تكنولوجيا الفضاء بقوة، لكونه رافعة أساسية في اقتصاد الدولة الوطني، يوازيه بناء رأسمال بشري إماراتي في هذا النوع من العلوم.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية