المجتمعات البشرية كافة بحاجة للإمعان في ماهية «الأخوة الإنسانية»، وقبل ذلك لابد من النظر في أساسه وإرهاصاته المقدمة لتحقيقه، إذ يعتبر «اليوم العالمي للأخوة الإنسانية» كمناسبة، يوماً طيب الذكر للاحتفال بمن بقي على عهد هذه الأخوة، ولتجذير قيمها السامية لمن لا يزال يتردد في كفاءة الإنسان واستحقاقه لمرتبة الشرف من الدرجة الأولى بين كل ما هو في الوجود، وهذا وسام ممنوح من الحكمة الربانية أولاً، ثم من شرفاء هذه الأرض. 
يوم الإنسان، أو «اليوم العالمي للأخوة الإنسانية»، أقل ما يقال في مقامه أنه مناسبة «رفيعة المستوى» تنعش وجدان وشعور الإنسان بإنسانيته، مرسخةً قيم الأخوة التي تمثل أرضيتها، وحدة الأصل البشري «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة»، ومبدأ الكرامة الإنسانية «ولقد كرمنا بني آدم»، وتؤكد على غاية رسالة الإسلام، الذي جاء رحمة للعالمين «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين». 
ضم سياق الأخوة الإنسانية الرفيع من التفرد، ومن تفوقات رسالة «الأخوة الإنسانية»، التي تطلق اليوم للعالم، بأن أفضل ما يكون هو خروج هذا الحدث المميز عن واقع يفوق الاستراتيجيات، والخطط الورقية، ذلك أن مشروع ترسيخ الأخوة الإنسانية الثابتة والراسخة بين بني البشر، انطلق من تاريخ عميق في اهتمامه بالإنسان وتقديمه على ما سواه من أولويات أولاً، ثم تقديمه كمشروع عالمي إنساني بثقة عالية مكتسبة من الخبرة الواقعية التي تعيشها دولة الإمارات العربية المتحدة، فعلى الصعيد الفردي، حين استطاعت الإمارات دعم قاطنيها وصولاً لحالة من التصالح مع الذات، انعكست على الوطن محققاً «حالة تصالح مع الإنسانية»، ذلك أن أي تغيير أو تجذير للقيم والأخلاقيات لا بد وأن يرتكز في أساسه على نضج داخلي نابع من الأفراد، ومنطلقاً للحلقة الأكبر «المجتمع»، وعلى دواليه. 
وفي سياق الحديث عن مشروع إنساني، بالغ الأثر على مؤشر تقدم البشرية، وسموها فوق كافة تحدياتها، بل واتصاله بمجالاته وفروعه ومعاملاته الاجتماعية والتربوية، والأكاديمية، والسياسية، والاقتصادية وغيرها، فإنه لمن الهام الإشارة إلى أن الوصول لهذا الإنجاز «الكبير»، سبقه الكثير من تسخير الجهود التي تسير عكس تيار التطرف والكراهية، مطوعةً شتى الإمكانات في سبيل تحقيق التعايش السلمي، ابتداءً من تاريخها المشرف، ثم إدخال هذه القيم سياق التنفيذ بإصدار (قانون مكافحة التمييز والكراهية)، سنة 2015، الذي قطع الطريق أمام أي ملامح للتمييز، أو العنصرية، بغض النظر عن دواعيها. ليتبعها بعد سنة واحدة فقط تأسيس وزارة للتسامح، لتكون أول وزارة مختصة بالتسامح عالمياً، والذي نتج عنه إصدار برنامج وطني ينفذ أهدافه، وصولاً للتويج عام 2019، بوسم «عام التسامح»، متبوعاً بالحدث العالمي الذي وقف العالم إجلالاً وتقديراً لسموه بتوقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية»، كرسالة حضارية من قلب العاصمة أبوظبي لأبناء لعالم. ونظراً لأهمية هذه الرسالة، فقد لاقت قبولاً وترحيباً عريضاً، كما تم اعتمادها من قبل الأمم المتحدة وبالإجماع، على إعلان الرابع من فبراير من كل عام، كيوم دولي يحتفل بالأخوة الإنسانية. 
السياق الحضاري المعاصر يبرز تأصيل مشروع «الأخوة الإنسانية» كأفضل مرشح ناهض بتقدم الإنسان، وأساساً مرجعياً لبناء حضارته ومستقبله، من خلال تمثيل تلك الصيغة الإنسانية التعاقدية، واحترام ركائزها كدستور عادل لبني الإنسان، متخطياً «الجروح»، والندبات التي خلفتها ويلات وآلام البشر في العالم على امتداد التاريخ، وإنعاش نبضات الضمير الإنساني، واستحضار الأخلاق الدينية السمحة، وانتزاع صبغة التقديس عن كل ما هو «غير مقدس»، وتقديم المبادئ العليا والسامية، وصولاً للارتقاء بالإنسانية جمعاء، «والعيش في فسحة السلام والتعايش، المدركة لبناء العلاقات على أساس الوحدة والعمل المشترك، والاحترام المتبادل، وفي ظل استيعاب مكنونات النعمة الإلهية في الأخوة الإنسانية المبنية على ثروة الاختلاف والتعدد».