بهدوء وحكمة جاء الرد الإماراتي حول إعلان إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مراجعة صفقات بيع الأسلحة للإمارات، هذا الرد الإماراتي جاء على لسان سفيرنا في واشنطن يوسف العتيبة الذي قال: «إن هذه الخطوة متوقعة كما في كل المراحل التي تشهد استلام إدارة جديدة في الولايات المتحدة، خاصة فيما يتعلق بحزمة بيع طائرات أف 35»، فأي إدارة تستلم السلطة تقوم بمراجعة الاتفاقات السابقة، ونحن في الإمارات نتفق مع هذا الإجراء، ومتأكدون من متانة العلاقات مع واشنطن واستمراريتها لما في ذلك من مصلحة متبادلة بين الطرفين. فهذه الأسلحة التي ستحصل عليه الإمارات، خاصة الطائرات، تهدف في المقام الأول إلى تعزيز السلام في المنطقة. فدولة مثل الإمارات لها الحق في التسلح وخلق توازن للقوى في المنطقة، كما أننا نمثل نموذجاً للدول المتزنة المستقرة التي تسعى لإحلال السلام وترسيخه وخلق شرق أوسط قائم على العلاقات القوية والسليمة بين بلدان المنطقة وليس فرض القوة العسكرية.
هنا نتحدث تحديداً عن إيران التي لا بد أن يكون جيرانها أقوياء كي نخلق ما يعرف بتوازن القوى، ونحصل على أسلحة رادعة تمنع أي إخلال بالتوازن العسكري. فإيران كما نعلم جميعاً دولة توسعية لها أذرع تعمل في العديد من الدول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث تدعم جماعة الحوثي التي عاثت فساداً في اليمن، وتسببت في أزمة كارثية على جميع المستويات، لما تمثله من ميليشيات ترهن اليمن لصالح المشروع الإيراني الهدام، الذي يسعى لتصنيع أسلحة نووية تهدد الأمن الجماعي للمنطقة ككل، وهذا غير مقبول على مستوى الشرق الأوسط والعالم. لكل ذلك لا بد لأميركا، وبالتعاون مع حلفائها، من منع هذا المشروع من خلال الضغط على طهران والتعاون مع الأصدقاء وعلى رأسهم الإمارات. وكما قال سفيرنا في واشنطن: «مثل الولايات المتحدة، الأسلحة تسمح للإمارات بالمحافظة على رادع قوي للعدوان بصورة متوازية مع الحوار الجديد والتعاون الأمني​​، فإنه يساعد في طمأنة الشركاء الإقليميين».
العلاقات الإماراتية الأميركية علاقات متينة وراسخة، فالإمارات حليف قوي شارك في عمليات قادتها الولايات المتحدة ضد التطرف والإرهاب. وهذه العلاقات لا تقتصر على التعاون العسكري وشراء الأسلحة، بل تمتد لتشمل جوانب اقتصادية مهمة واستثمارات كبيرة، وحتى على شكل علاقات وشراكات ثقافية وعلمية وأكاديمية. إنها علاقات ممتدة لعقود، وبكل تأكيد هي مستمرة. والرئيس بايدن سياسي مخضرم يعرف الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط جيداً، ومدرك لأهمية الحليف الإماراتي ودوره في خلق الاستقرار وترسيخه. وصفقات التسلح ستضع على عاتق الإمارات المزيد من المسؤوليات بهدف تحمل عبء جديد في الحفاظ على الأمن الإقليمي في المنطقة.
وهنا لا بد أن ننوه إلى أن الجيش الإماراتي هو من بين أقوى جيوش الشرق الأوسط، حسب التصنيفات الدولية والدورية، وهو مسلح بأحدث الأسلحة ويتمتع بجاهزية عالية، وهذه الصفقات تدعم قوة الإمارات عسكرياً وتضعها في مراتب متقدمة. وقد ساهم جيشنا بشكل فعال مع حلفائه الدوليين في تحقيق الاستقرار في المنطقة وضرب معاقل الإرهاب، كما كان له دور قوي في ترسيخ الشرعية في اليمن وإعادة الأمل ضمن التحالف العربي، وقد تم من خلال هذه العملية القضاء على التمدد الحوثي وضرب اليد الإيرانية في اليمن، ويعمل حالياً على تحقيق الاستقرار في هذا البلد الشقيق. وكان للجيش الإماراتي أياد بيضاء من خلال مساهمات فعالة في عمليات إنسانية في العديد من الدول، وما هذا التسليح الذي يأتي مؤخراً من خلال صفقات مع واشنطن إلا بهدف ترسيخ قوة السلام في المنطقة.