من أجل وطن أهله كأعضاء الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء. والمتطوعون هم الجسر الذي يذهب بنا إلى الصحة، وهم الخيط الذي يقودنا إلى بقعة الضوء، وهم الشجرة التي نتفيأ ظلها، وفي الإمارات منذ أن شبت ألسنة نار الوباء في العالم، هبت بشائر الفرح في عيون المتطوعين، والذين تشقشقت في صدورهم مشاعر التناغم مع الكل، والاندماج مع المجموع، والسير قدماً نحو غايات وطنية متوشحة بلباس الشرف، والشأن الرفيع، متسمة بأخلاق أهل هذا البلد، مكتسية بثوب الصدق والإخلاص، دفاعاً عن السعادة التي اتسم بها المواطن والمقيم على حد سواء، ولأجل أن تستمر هذه المشاعر، كان لا بد وأن تكتمل الصورة على نسق التلاحم، والتكاتف، وخوض معركة المصير المشترك، بنبل الخصال، وأصالة القيم، ولما وجد المتطوعون حزام الصف الأول من الفرق الطبية، ورجال الشرطة وغيرهم، يسومون أنفسهم رخيصة في سبيل الدفاع عن أهلهم، ويغيبون لأشهر عن ذويهم، وهم في غمرة السهر على صحة مرضاهم والعناية بهم، ورعايتهم، وحمايتهم من بطش الوباء الفتاك..
المتطوعون في الإمارات ضربوا مثالاً يحتذى به، ونموذجاً يقتدي به كل محب لهذا البلد، فهم الساعد الأيمن للجهات الرسمية، وهم اليد الناعمة التي امتدت بسخاء، ووفاء، وثراء، لدفع البلاء، ومن دون منة، بل الدافع الوحيد هو هذه المشاعر العفوية المتدفقة كجداول النهر، باتجاه قضية من أهم القضايا الإنسانية، وهي درء الخطر عن المجتمع، والحفاظ على صحة أبنائه، ومكتسباته الوطنية، إيماناً من المتطوع، بأن صحة الإنسان هي معطفه الذي يقيه من شكوى المرض، وصحة الإنسان هي نعمته التي تفيض، لتسقي جذور الوطن، وتنمي أغصانها، وتلون أوراقها باخضرار الفرح.
المتطوع في الإمارات، عندما فتح عينيه على الضحايا شعر أنه مطلوب من جهة الضمير، فوثب وثبة جواد ميادين الظفر، وترك أسرته، تحت عناية الله ليساهم بكل ما يستطيع في خدمة الوطن، والوقوف مع المكافحين من الفرق الطبية، ومساعدتهم بكل ما يستطيع، وقد شاهدنا بأم أعيننا كيف صمد الشباب وهم في ريعان العمر، وواجهوا الصعاب، وتحملوا المخاطر، مدفوعين بالحب، محملين برسالة إنسانية إنه الواجب، وليس سواه، ما جعلهم يقفون تحت خيام الفحص، ليكملوا دائرة الخدمة الطبية التي أنيطت بهم.