الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الاقتصاد الإلهامي.. غياب المضمون الملهم

الاقتصاد الإلهامي.. غياب المضمون الملهم
27 يناير 2021 00:13

يتعاظم نطاق عولمة علم الاقتصاد مع  تطور الفكر البشري إلى العديد من الفروع الحديثة المنبثقة من العلوم الإنسانية والعلمية والثقافية التي تم مزجها وتشابكها مع المنظور الاقتصادي في مداه وتطبيقه، وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من علم الاقتصاد، الذي أصبح نهجاً عصرياً فكرياً سلوكياً لأبرز   الاتجاهات السياسية والاجتماعية والعلمية والبيئية.
من ناحية أخرى، لم تعد الصورة النمطية المثالية للفكر الاقتصادي الرأسمالي محمودة لدى العديد من المفكرين والمنظرين والخبراء، وذلك بسبب الأزمات الاقتصادية المتسارعة التي تسببت في سوء توزيع الثروة، وزيادة التفاوتات الاجتماعية، وزيادة الفقر وارتفاع معدلات الجوع التي لا تتناسب مع الاتجاهات الدولية في هذا الصدد. 
علاوة على ذلك، فإن التباين في الاتجاهات الفلسفية في نظرية ندرة ووفرة الموارد الطبيعية ومنهجية العرض مقابل الطلب، شكلت فريقاً معاكساً يناظر بالاقتصاد الفكر الإلهامي تحت شعار «القدرات مقابل الطلب».
ينبع مفهوم الاقتصاد الإلهامي من الجنس البشري في قدرته الفعلية على تعلم مفهوم الرزق، حيث تتنافس الدول والمؤسسات والمجتمعات للخروج من المزالق المتكررة للنظام الاقتصادي الرأسمالي، وذلك باستخراج الطاقات والقدرات البشرية وتوظيفها، وإحداث تغييرات مجتمعية تستفيد من الطابعين الثقافي والمكاني، وتوجيه المجتمع سلوكياً ليكون قادراً على توظيف طاقاته العقلية والبدنية، من خلال الاستفادة من البيئة المحيطة والعناصر الأولية التي ينتجها التي تدخل في عمليات الإنتاج المختلفة.
يعتقد منظرو هذا الفكر أن العلوم المختلفة تتلاقى في منطقة واحدة تتجه نحو الإلهام الذي يضخم الخزانات العقلية المسماة «التفكير الموسوعي»، وأن رافعة الاقتصاد الإلهامي متشابكة وبحاجة إلى الروافع الاقتصادية الأخرى كالاجتماعي والسلوكي والثقافي، وأن هذا النهج سيساهم بشكل كبير في هندسة الحياة واستشراف المستقبل بشكل أفضل، وبالتالي تعزيز الاستدامة المستمرة والقضاء على الآفات العالمية مثل الجوع والفقر وغيرها.
وفي العرض التمهيدي، نعتقد أن الإلهام هو صفة ثابتة للقادة الملهمين، وأن أي مسيرة لا يمكن أن تنجح دون قائد ملهم يدفع مجموعات من الروافع نحو المستقبل وفي ظل ضبابية أي نظام سائد نعيش فيه. 
فالشاهد لحداثة نشأة دولة الإمارات العربية المتحدة والمكانة التي وصلت إليها عبر إنجازات معيارية على امتداد جغرافية الدولة، وسطوع اسمها عالمياً بين السماء والأرض معتلية السلالم مع الدول العظام عالمياً، 
إنما هو مضامين ملهمة كانت ملهمة لصناعة الحاضر والمستقبل. لن يتمكن أي نظام إبداعي أو ملهم من تحقيق طموحه وأهدافه، ما لم يكن هناك محتوى ملهم يخلق مسارات مشعة في تاريخه، كما حدث ويحدث معنا.

* د. يحيي زكريا الشحي
باحث اقتصادي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©