الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

أردوغان «يهرول» إلى أفريقيا لتعويض فشله الأوروبي

أردوغان «يهرول» إلى أفريقيا لتعويض فشله الأوروبي
24 يناير 2021 00:40

دينا محمود (لندن) 

بعد الفشل الذريع الذي مُنيت به مساعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وفي ظل خلافاتها المتفاقمة مع الدول الرئيسة في هذا التكتل القاري، يكثف نظام رجب طيب أردوغان، محاولاته المستميتة لاستمالة دول أفريقية، خصوصاً الواقعة منها في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية، مثل منطقة القرن الأفريقي.
وتتنوع السبل الملتوية التي يستعين بها النظام التركي، من تقديم مساعدات يزعم أنها ذات طابع إنساني، وصولاً إلى الترويج للمسلسلات التلفزيونية التي تتم دبلجتها باللهجات المحلية الشائعة في أفريقيا. 
ووفقاً لتقرير تحليلي نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، تأتي هذه الهرولة التركية المشبوهة صوب البُلدان الأفريقية، بعد تجاهل أنقرة لهذه الدول على مدار عقود طويلة، أعقبت انهيار الدولة العثمانية في مطلع القرن الماضي.
ومنذ قيام تركيا الحديثة على يد مصطفى كمال أتاتورك قبل نحو قرن من الزمان، أختار قادة هذا البلد التركيز على أوروبا. لكن الرفض الصارم الذي تلقاه محاولات التقارب التركية مع القارة الأوروبية، لاسيما منذ تولي أردوغان الحكم، أجبر نظامه على السعي لكسب ود الأفارقة، «عبر زيادة عدد سفارات بلاده في قارة أفريقيا من 12 سفارة عام 2009 إلى 42 في العام الجاري، فضلاً عن قيامه هو نفسه بزيارات متكررة إلى دول القارة، بما شمل حتى الآن أكثر من 20 عاصمة».
وبالتوازي مع ذلك، أعلن النظام التركي نيته زيادة حجم التبادل التجاري مع أفريقيا إلى ما يربو على 50 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، أي ما يقرب من ثلث التجارة الحالية بينه وبين والاتحاد الأوروبي. 
لكن الأهداف المشبوهة لنظام أردوغان تتجلى، وفقاً للمحللين الغربيين، في بلد مثل الصومال، الذي أنشأت تركيا فيه قاعدة عسكرية هي الأكبر لها في الخارج، وهو ما يعكس مطامعها في أن يصبح لها موطئ قدم في القرن الأفريقي. وتمتد القاعدة، التي افْتُتِحَت عام 2017، على مساحة 400 هكتار، ويرابط فيها 200 عسكري تركي. وبجانب هذه القاعدة العسكرية، دفع النظام الحاكم في أنقرة بشركاته للمشاركة في شق بعض الطرق في الصومال، كما وقعت إحدى هذه الشركات عقداً يستمر 14 عاماً لتجديد وتشغيل أحد موانئ العاصمة مقديشو، إضافة إلى ضخ حكومة أردوغان أكثر من مليار دولار من أموال الشعب التركي، في خزائن السلطات الصومالية منذ عام 2011. 
ووفقاً للخبراء الغربيين، تشكل «المقامرة الأفريقية» لأردوغان، جزءاً من «حملة توسعية» يواصل الرئيس التركي المستبد تنفيذها خارج حدود بلاده، بما يثير قلق القوى الغربية الكبرى، لا سيما أنها تمثل تكريسا لـ«انقلاب كامل»، على السياسات التي انتهجتها تركيا الحديثة، منذ تأسيسها على يد أتاتورك.
 فقد كان مؤسس الجمهورية التركية يعتبر تجنب التدخلات الخارجية، أحد المبادئ الجوهرية لدولته، ما لم تكن بلاده مُعرضة لتهديدات حقيقية، وهو ما أدى إلى أن تظل البلاد في عهده على الحياد بشكل عام، واستمر ذلك، بعد رحيله، حتى خلال الحرب العالمية الثانية. 
لكن هذه التوجهات الإيجابية انقلبت رأساً على عقب خلال السنوات العشر الماضية من حكم أردوغان، بالنظر إلى التدخلات التركية السافرة في دول, مثل سوريا وليبيا بجانب الصومال، التي تزايدت أنشطة أنقرة في أراضيه منذ عام 2011، مُتذرعة في بادئ الأمر بإرسال مساعدات إنسانية لضحايا المجاعات هناك، لإخفاء مساعيها الرامية للهيمنة على مقدرات هذا البلد.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©