تزور مدينة السعديات والتي تفصلها عن العاصمة أبوظبي حوالي عشر دقائق، تشعر أنك تحلق على هدب الحقيقة، تشعر أنك تسافر على جناح طائر، تشعر أنك تطوق الوجود بذراعيك، تشعر أنك تعانق الحياة بعفوية، تشعر أنك عاشق لم يزل في بداية العشق، وفي أول السطر لقصيدة تمتد عناصر بائها من سنابل العشب على رصيف يانع، وحتى بتلة زهرة على قمة شجرة، نسجت خيوطها بين ثنايا وضلوع هذه المنطقة اليافعة.
هنا تكمن حقيقة متحف اللوفر والذي يحدق دوماً في حضارات العالم بعين أشبه بالسحر، وهنا أيضاً تسمق المنارة وهي أرض الفنون، وبريق المعارض، هنا تجد ذا كولشن، وتلك الحزمة الوارفة من المطاعم المميزة وذات البهارات متنوعة الجغرافيا والتضاريس، وبنكهات ذات مغزى إماراتي، وعند خاصرة المكان تحضر ملاعب الجولف ومناطق الاستجمام ذات النشاط الكوني المذهل.
في هذه المدينة يصحو الطير على موسيقى تنسجم مع أغنياته، وتتناغم مع هديله المفعم بالحنين إلى عاشق أو عاشقة، هنا يصبح النشيد عالمياً، وهويته هي الوجود بأكمله، هنا العطر إنسانياً بامتياز، ولا تشققات، ولا أفكار مختزلة، بل العالم هنا يسبح على سطح شفاف، بحيث تبدو المشاعر مثل قماشة حريرية وتبدو العيون كأنها الزرقة في البحر، وتبدو الوجنات بوشم الحميمية، تبدو الأشياء ببساطتها وكأنها العفوية بجذرها وصدرها قد نمت على هذه الأرض وترعرعت سماتها، ونمت وأبدعت في رسم الصورة الحضارية على تراب الإمارات، ونسجت معطف الأحلام، على وجوه الناس الذين غرقوا في وسم الحياة السعيدة، وهاموا غراماً بمنجزات بلد أصبحت النعيم المذهل في حياة البشر.
في السعديات تبدو الحياة كأنها الطفلة التي حلمت بهدية العيد، فإذا بها تحظى بما جال في خاطرها، فاستعدت للحفل الإنساني العظيم، استعدت للذهاب إلى حديقة العالم الواسعة، لتقطف من مبهجات الحياة، وتسعد بما منَّ عليها به الله، وأولو الأمر من نعم البذخ ورفاهية المشهد الحضاري الفريد، والذي أصبح اليوم، لغة العالم الإعلامية وهو الشعاع الذي تشرق به شموس تلك الوسائل السحرية التي لها الأثر الكبير في تسليط الضوء على أهم المعالم الثقافية في العالم، ومن الأكثر جذباً للسياح، وكل عشاق المشاهد الجميلة.