الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

التفضل.. من أبواب السعادة!

التفضل.. من أبواب السعادة!
15 يناير 2021 00:09

د. شريف عرفة

يحرص علم النفس الإيجابي على دراسة الفضائل الأخلاقية لمعرفة دورها في تحقيق السعادة وتحسين جودة الحياة.. مثل الإيثار والتعاطف والامتنان وعمل الخير.. حيث تنعكس هذه الأمور على سلوكيات صاحبها، بما يزيد من رضاه عن حياته وشعوره بالسعادة في الحياة..
رصدت دراسة جديدة تأثير قيمة أخلاقية مختلفة هي «التفضل»، وما ينطوي عليه من تأثير نفسي.

تعريف
في دراسة شاملة لمختلف الأبحاث المتعلقة بالموضوع - نشرت مؤخراً في دورية علم النفس الإيجابي - يعرّف الباحثون آدم هودج وزملاؤه من جامعة تكساس، التفضل Grace بأنه «المنح طواعية بشكل غير مشروط، إلى شخص غير مستحق من قبل مانح غير ملزم».  أي أن تتكرم على الآخرين بأشياء على سبيل التفضل عليهم أو الإحسان إليهم.. ومثال ذلك ما تقوم به بعض الشركات من «فترة سماح» لا يتم فيها فرض غرامة السداد المتأخر.. أو أن تمهل شخصاً مستديناً منك لفترة أطول مما اتفقتما عليه، مراعاة لظروف ألمت به.. وما إلى ذلك..
يقول الباحثون في هذه الدراسة إن التفضل مفيد سواء كنت من يمنح هذا الشعور للآخرين، أو كنت من يتلقاه من مصدر خارجي..

قيمة روحية
حسب الدراسة، فإن لهذه الفضيلة أبعاد روحية واضجة.. تتمثل في إحساس الإنسان بأن الله كريم ويمنحه الكثير من النعم رغم خطاياه، كنعمة الحياة ذاتها أو نعمة المغفرة.. وهي معان مرتبطة بالتدين الجوهري، الذي ينعكس على سلوك الإنسان وأخلاقياته.. ففي دراسة نشرت في نفي الدورية العلمية، للباحثين دورجر بافورد وزملاؤه من جامعة جورج فوكس في ولاية أوريجون بالولايات المتحدة.. حاولوا تنمية هذه الفضيلة عن طريق تضمينها في الخطاب الديني، في الخطب والأدعية الدينية في إحدى كنائس، عن طريق تركيز انتباههم على استشعار فضل الله علينا وضرورة التفضل على من حولنا وإكرامهم كما أكرمنا الله، واعتباد ذلك مقصدا وقيمة ديمنية كبرى.. فوجدوا أن التركيز على هذه المعاني الروحية كان كفيلا بتنمية المشاعر الدينية المتعلقة بهذه الفضيلة لدي المصلين، وهو ما زاد من شعورهم بالتسامح الذاتي..

فوائد نفسية
ليس هذا فقط.. وجدت دراسة آدم هودج وزملاؤه أيضاً أن كلاً من تقديم الفضل وتلقيه، يساعد في تحسين الصحة النفسية وتطوير الحس الأخلاقي وتقوية العلاقات بين الناس وتخفيف المشاعر السلبية بينهم، كالضغائن والكراهية.. فعلى سبيل المثال، فالتفضل بمساعدة شخص ينافسك في شيء ما، يخفف من حدة الشعور بالعداء بينكما وقد ينمي لديه الرغبة في التعامل بالمثل.. لذا توصي الدراسة بتنمية هذا الشعور لمواجهة الخلافات الزوجية حيث يشعر كل من الطرفين بأنه مظلوم أو غير مخطئ.. التفضل بأن تبادر أنت بالصلح، أو التفكير في مآثر شريك حياتك لزايدة شعورك بالامتنان لوجوده في حياتك، يساعد في تحسين العلاقة وينمي المشاعر الإيجابية بين الطرفين.
باختصار: استشعر فضل الله عليك وكرم الناس معك، وتفضل على من حولك وكن سخياً معهم.. فكما يقال، إن الحياة قاسية بما يكفي، ومن الخليق بنا أن نهون على بعضنا الطريق.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©