عندما تتابع خطابات العنف والتحريض والتأليب والتأجيج التي يطلقها تجار الدين والشعارات، دعاة الضلالة والتضليل، تلمس كيف يناصبون العداء درجة القطيعة أي دعوة للتسامح، وذلك لسبب بسيط أن منطقهم- هذا إن كان لهم منطق- يبهت ويضعف أمام قمة نور التسامح الذي يجتمع تحت ضيائه كل قيمة جميلة وإنسانية راقية، ويبدد ويشتت كل دعوة ضالة يريدون معها أولئك «الدعاة» تسويق بضاعتهم البائرة، وما تحمل من سموم الأحقاد والضغائن والفتن والكراهية والتطرف.
 أحد دعاة الفتن من دولة شقيقة نكن لها كل المعزة والمحبة، يحفل تاريخه بتمجيد الإرهاب والإرهابيين، وسفك دماء الأبرياء، أطل علينا قبل أيام ليتطاول على نهج التسامح والأخوّة الإنسانية الذي اختارته الإمارات طريقاً لها، ولم يكتف بذلك. وإنما دمغ الأعمال الجليلة والقيم السامية التي تتبناها الإمارات، باللغة الوحيدة التي يجيدها«التكفير»، هذه اللغة وهذا الأسلوب اللذان كانا سبباً في قتل أبرياء، وتشريد ملايين، وتدمير مجتمعات مسلمة مستقرة.
هذا الشخص المحسوب على دعاة دين الحق، ديننا الإسلامي الحنيف القائم على الوسطية والاعتدال، حل في شهر رمضان قبل الماضي محاضراً على أحد المنابر في الدولة، ولما اعترض الذين يعرفون حقيقته انبرى لهم من كانوا في غفلة عنه، واعتبروه «أسداً»، فإذا بالأسد المزعوم يكشف عن حقيقة وجهه المريض وقلبه الأسود بعدما اعتبر نفسه قاضياً- كقضاة محاكم التفتيش في القرون الوسطى- يوزع المغفرة والإيمان على من يشاء، ويمنعه عمن يشاء.
 مثل هذه التخرصات لا تنال من نهجنا وحبنا وقوة التفافنا حول قيادتنا، ولكنها تكشف الأقنعة الزائفة، وحقيقة أولئك المتاجرين بالدين الذين يحاولون تمرير أكاذيبهم ومزاعمهم على العامة، وبالذات السذج الذين قد تنطلي عليهم مثل تلك الترهات المغلفة بتحريف آيات الله، وتغيير ما جاء فيها عن مواضعها من أجل خدمة غاياتهم وأهدافهم الخبيثة.
كنت أتمنى أن يرد عليه وعلى أمثاله أحد علماء مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، ويدحض مزاعم داعية الضلال ذاك، ويكشف للناس حجم التزوير والتضليل الذي يقوم به المتاجرون بالدين ممن يعتبرن أنفسهم أوصياء على دين الحق وقيمه النيرة النبيلة التي تقوم على المحبة والاحترام والتسامح، واحترام الآخر من مختلف الأديان والمعتقدات. من دون الرد على المضللين سيتمادون في غيهم، معتقدين أن الساحة قد خلت لهم لينفردوا بالمجتمعات لنفث سموم أحقادهم. وستظل الإمارات منارة للتسامح والتعايش.