كان من الممكن أن تصبح الحرب بين - أذربيجان، وأرمينيا، أشبه بحرب البسوس، وأن تستمر سنوات مديدة، ويدفع الأبرياء ثمن هذه الحرب الضروس. ولكن بروز العين الحمراء من دولة لها مصلحة في إيقاف هذه الحرب، جعل من العابثين يفكرون أكثر من مرة؛ لأنه في هذه المرة هناك جدار صلب لن يسمح بمرور الخدع البصرية التي تطلقها الدول ذات الأهواء والأوهام التاريخية.
روسيا قالت لا، وتدخلت فوراً ومن دون سابق مداولات ومشاورات مطولة؛ لأنها استوعبت الدرس السوري، والادعاءات التي كانت تطلقها تركيا، بأن وجودها في الشمال الشرقي من سوريا يحميها من ضربات أعدائها التاريخيين، وهذه الكذبة ربما كانت روسيا تفهم مغزاها، ولكن تم تمريرها لأهداف سياسية، كما لأي دولة عظمى من أهداف وراء كل تغاضٍ.
اليوم في ناقورني كاراباخ، أصبح الظرف مختلفاً؛ لأن الدولتين تقعان في الخاصرة الجنوبية لروسيا، ومعنى إشاعة الفوضى تحت الضلع الأيسر، يعني أن هناك ما هو أبعد من العلاقة بين تركيا وأعدائها التاريخيين وهم الأرمن، إذن لا بد من التحرك، قبل أن يغلي الماء في القدر القوقازي، وحينها سوف تدفع روسيا ثمناً غالياً، كما سبق أن دفعت الغالي في حرب الثمانينيات.
لهذا السبب، نفض الدب الروسي فوراً، عن جسده الماء البارد الذي كان يستحم به في علاقته مع الدولة التركية، وانقض على الموقف وحيداً يضع الشروط اللازمة لتوقف الحرب، ويرسل أهم قطبي الدولة الروسية، «لافروف، وشيغو» فيقومان بجولتين سريعتين لكل من أذربيجان وأرمينيا، ليضعا النقاط على الحروف، وليقولا لمسؤولي البلدين، إنه ممنوع هنا أي تحرك يخلق زعزعة للاستقرار، وإن كل خلاف يجب أن يحل بعيداً عن ضجيج الطائرات الحربية، ودوي المدافع.
وبالفعل لقد سكنت الرياح العاصفة، وأمطرت الروح الروسية، هدوءاً على حدود الدولتين المتنازعتين وقوات السلام الروسية تجوب الحدود، وتصعد المرتفعات الجبلية، ترقباً لأي تجاوز.
كنا نتمنى أن النخوة في ضمير الدول العظمى حاضرة في كل مكان، لأجل إسكات الذين في قلوبهم مرض، وحماية أرواح الأبرياء من الأطماع ذات النزعات الوهمية.
كنا نتمنى أن يحدث ذلك، لمنع الضمائر الفاسدة من تحطيم آمال الشعوب، وتدمير أمنياتهم.