شكلت هوليوود منذ تأسيسها عام 1853 في مدينة «لوس انجلوس» الأميركية، قِبلةً للسينمائيين على اختلاف مدارسهم الفكرية والفنية. ولا يوجد اليوم مكان آخر في العالم قادرٌ على استحضار السحر والأحلام والنهايات السعيدة مثل هوليوود. إنها مصنع الحُلم الأميركي.
وفي مقدمة كتابه «الآلهة»، أكد الكاتب السينمائي الأميركي «نورمان روستن» على أن هوليوود هي حقاً مصنع للأحلام وعليها «خلقُ فتاة حالمة»، متسائلاً: هل يمكن للفتاة أن تستيقظ على الحقيقة؟ وكيف تلك لحقيقة؟ وهل يمكن أن يكون لها حياة خارج الحلم؟ تساؤلات سرعان ما انتقلت إلى السياسة والفكر.
من «فرانسيس فوكوياما» في كتابة «نهاية التاريخ» عام 1991 الذي تنبأ بنهاية الشيوعية وفرض أميركا «نظاماً إمبراطورياً جديداً في العالم» لا سبيل إلى تبديله أو تغييره، إلى «إيمانويل فالريشتاين» في كتابه «انحسار القوة الأميركية في عالم من الفوضى» عام 2014 الذي ساق فيه العديد من العوامل التي أكد بيقين أنها سوف تؤدي إلى «سقوط النسر من عليائه».. شهد العالم تغيرات كثيرة في كل المجالات تقريباً. 
وحتى الساسة ممن تستزلهم أحداث التاريخ اليومي لحراك المجتمعات البشرية، ذهبوا في المنحى التشاؤمي ذاته تقريباً، كالكاتب السياسي الروسي «ألكسندر نازاروف» الذي تنبأ بتفكك أميركا في عام 2030، وقال إنها لن تبقى على حالها، وذهب في تحليلاته الأخيرة إلى أنها قد «انتقلت سريعاً من الحرب الباردة لتدخل في الحرب الأهلية». وعلى الرغم من زخم تلك التحليلات والتوقعات، إلا أن النتائج جاءت لتؤكد عكس ذلك: فعلى مدى ثلاثة قرون، منذ تأسيس الولايات المتحدة وإلى اليوم، ظل الحُلم الأميركي مستمراً منذ ولادته ولم يتوقف يوماً. وهو لن يتوقف، كونه دائم التجدّد بتجدّد الحياة واستمرارها اللانهائي. إن أميركا وجدت لتبقى وتستمر مثلما هو الحلم الأميركي؛ وجد ليستمر في عملية توالديّة لا حدود لها. والكلامُ ليس من عندياتي، بل تؤشر عليه أدبيات المنظرين الأوائل للمنهج الفكري والسياسي الذي تأسست عليه الولايات المتحدة عام 1776، بالرغم من كل انعطافاته وتحولاته التي طوّرتهُ في الطريق.
إن أميركا ستظل «الحالة الأبرز» لتطوّر النقيض من الحالات الأخرى في العالم. هذا ما شكلته على مدى تاريخها ولا تزال: هي نقطة التّحدي الأوضح لتطوّر الآخر من دول العالم، سواء المتقدمةُ عليها من حيث التأسيس أو اللاحقةُ عليها حديثةُ الإنشاء. إنها الحقيقة لمن يريد معرفتها، سواء قبِلَ بأميركا كاملةً كما هي أو اختارها مُجتزأة، فذلك تقرره حرية الفكر وتأمل المستقبل.