الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

رسائل لا قيمة لها

رسائل لا قيمة لها
11 يناير 2021 00:56

في زمن التحول الرقمي والتّقني الذي يشهده العالم، نعيش كمتلقين طفرة معلوماتية تصلنا على مدار الساعة عبر منابر متعدّدة منها ما هو رسمي، ومنها ما هو اجتهادات من أفراد يعتقدون أن ما يتداولونه يُعبر عنهم أو يشرح قناعاتهم، وقد يحمل رسائل ذات مضامين لا يجب تداولها من الأوهام والخزعبلات، والنصح والإرشاد غير المقنّن، بالإضافة إلى الرسائل المُستقطعة من أقوال الفلاسفة والمفكرين والعلماء والأدباء الذين غادروا الحياة، فأصبح إرثهم الفكري مشاعاً لكل من هب ودب. 
ولو عاد كل فردٍ منّا إلى هاتفه بين ساعة وأخرى سيجده يضج بمقولات للرومي والنّفري وابن عربي، وغيرهم من الشخصيات التي أصبح إرثها من العلم مشاعاً ومتداولاً بشكل لافت، ولكثرة ما تُجتزأ النصوص من قبل مُرسليها تشعر بأنهم لا يفهمون ما يرسلون، أو أنهم لم يطّلعوا على أصول تلك القطع الأدبية الفاخرة والآراء النّيرة التي يأتي أكثرها مُشوهاً بفعل القص واللصق من النصوص الأصلية، أو المنقولة بشكل خاطئ.
ووسط هذا السيل من الرسائل هناك شكل آخر عبارة عن خلاصات التجارب الحياتية لشخصيات مجهولة لا نعرفها، تحتوي مضامين بأن المرسل قد قرر قطع علاقاته الاجتماعية كاملة، واكتفى بنفسه وآرائه وخساراته وانكساراته، ويريد للناس أن يكونوا مثله مقاطعين للفرح، ذاهبين نحو اليأس، رافضين للحياة والحب والسعادة والأسرة، منكفئين على أنفسهم، في حالة انزواء وانطفاء وكأن الدنيا قد أغلقت عليهم أبوابها، وينشرون كل ذاك اليأس ليؤثروا في الآخرين خاصة الشباب المراهقين الذين يتداولون مثل تلك الرسائل الكئيبة فتدخلهم في عالم من البؤس، والتعاسة.
إن أحد مساوئ الانفتاح على التكنولوجيا وبخاصة وسائل التواصل هو غياب المسؤولية الأخلاقية والقيمية، الذي جعل بعض الأفراد يرسلون كل شيء كالإشاعات والأخبار غير الدقيقة التي سرعان ما يتم نفيها من الجهات التي تمسها تلك الشائعات، ورغم وجود قوانين تردع مثل ذلك إلا أن بعض مستخدمي تلك الوسائط اعتادوا هذا السلوك لأن ما يرسلونه لا يتوقف عند من يصل إليهم بل يُعاد إرساله بشكل غير مسؤول. 
ومن أجل مواجهة هذا الوضع على المُتلقّين للرسائل إيقافها عندهم وحذفها من هواتفهم والوقوف في وجه الغامض منها، أو الذي يحمل معلومات لا يصح تداولها، ومن المهم توعية الأبناء بخطورة تلك الرسائل التي تدعوهم إلى اليأس ولا تفتح أمامهم أبواب التفاؤل، فأبناؤنا يحملون هواتفهم في أيديهم يصلهم ما يصلنا من غثٍ وثمين، ومن الواجب تنبيههم إلى ما يضرّهم من أجل الحفاظ عليهم سالمين من الانتكاسات القيميّة والنَفسية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©