تصاعدت حدة التوتر في المنطقة بعد أن أعلنت الحكومة الإيرانية عن بدء تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 % في مفاعل فوردو النووي، وتزايدت المخاوف الدولية والإقليمية من دخول إيران النادي النووي. وبحسب التقرير السنوي لإدارة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية لعام 2020، والذي نشر في وسائل الإعلام الإسرائيلية مطلع العام، فإن إيران تحتاج إلى أكثر من ستة أشهر بقليل للوصول إلى العتبة اللازمة لصنع قنبلة نووية، وإلى حوالي عامين آخرين لتطوير صواريخ قادرة على حمل قنبلة نووية. وأشار التقرير إلى أن إيران ليست في عجلة من أمرها لصنع قنبلة نووية لأنها لا تريد حرباً في الوقت الحالي، على الرغم من أن حصول تصعيد عسكري لا يزال وارداً. التصعيد الإيراني يثير التساؤلات حول الوسائل الواقعية للتعامل مع اقتراب إيران من الحصول على سلاح نووي، وحول طبيعة وحجم الخيارات المتاحة، ومضاعفات ذلك على الإقليم؟ 
من خلال استقراء السلوك الإيراني، يمكن التأكيد على أن تصرف طهران التصعيدي هو استعراض للقوة محسوب العواقب، ذلك أن توقيت التصعيد المترافق مع عودة «الديمقراطيين» لسدة الحكم في الولايات المتحدة وتزايد الأصوات الأميركية المطالبة بالعودة إلى الاتفاق النووي، ضمن اشتراطات معينة فنية ترتبط بكمية الوقود النووي الإيراني، وسياسية ترتبط بالتدخل الإيراني في المنطقة العربية. هذا بالإضافة إلى ملف الصواريخ البالستية. 
المعادلة الإيرانية هي رفع مستوى التهديد وزيادة التصعيد قبل تولي «جو بايدن» السلطة، حتى يتسنى لطهران الحصول على وضع أفضل على طاولة التفاوض، إذ تعتقد طهران أنها كلما زادت الخروقات والتهديدات، وجدت الولايات المتحدة والدول الأوروبية المشارِكة في الاتفاق نفسَها أمام قضايا وملفات متشابكة ستضطر للقبول ببعضها لخفض التصعيد والقبول بما سبق الاتفاق عليه.. وهذا هو الهدف الإيراني، أي الإبقاء على اتفاق 2015 بصيغته دون الدخول في ملفات تتحاشاها طهران، مثل تدخلها في المنطقة، وملف الصواريخ البالستية باعتبارها قضايا سيادية غير خاضعة للتفاوض.. على أمل أن تكون المحصلة رفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق. وهذا ما أكدت عليه إيران من خلال إعلانها الاستعداد للتراجع عن تلك الخطوات إذا التزمت الولايات المتحدة والدول الغربية بتعهداتها بموجب الاتفاق النووي. ومن الواضح أن الرسالة الإيرانية إلى الرئيس الأميركي المنتخب بايدن والعواصم الأوروبية هي: يجب حل النزاع النووي وإلا..
تعاني إيران من التأثير المتصاعد للعقوبات الأميركية والتأثيرات الاقتصادية الكارثية لوباء «كوفيد - 19»، وهي على أبواب الانتخابات الرئاسية في شهر أبريل القادم. ولعل السبب الرئيسي الذي يدفع إيران للإسراع في مشروعها النووي أن استقرار النظام داخلياً واستمرار نفوذه الإقليمي يعتمدان على الانطباع بأن إيران لا تزال قوية، بل وقد تصبح قوة نووية. لكن من الواضح أن أولويات النظام الإيراني حالياً هي رفع العقوبات الاقتصادية وتحقيق بعض الانتعاش للاقتصاد والاستقرار الداخلي، فيما يبقى دخول النادي النووي خياراً مؤجلاً، لكنه خيار قائم في حال تغيرت الظروف الدولية، أو حدثت مستجدات تؤثر على بقاء النظام الإيراني، قد تستدعي تحركاً فورياً بإعلان إيران قوةً نووية.