سيظل كوفيد 19 عنصراً مركزياً هذه السنة من الناحية الجيوسياسية، وإنْ لم يعد ذلك تحت عنوان الأمل. فصحيح أن اللقاح أنعش الآمال، إلا أن عملية التلقيح يمكن أن تكون طويلة، ومن المتوقع ألا تعمّم حتى منتصف السنة، بل نهايتها. 
وبالطبع، مجيء جو بايدن سيعني نهاية الهجمات على النظام الدولي متعدد الأطراف، ونهاية التوترات الحادة جداً مع الحلفاء الأوروبيين والآسيويين، بل يمكن الحديث هنا عن تشكل سياسة خارجية أميركية جديدة، ودبلوماسية جديدة. إلا أنه ينبغي ألا نتوقع أن تكون هذه السياسة مختلفة كلياً عن تلك التي كان يتّبعها سلفه. فالسياسة الأحادية ستبقى، كما أنه من المستبعد أن يتوقف تطبيق التشريعات الأميركية خارج تراب الولايات المتحدة. ذلك أن أوباما نفسه طبّقها. 
وفي الشرق الأوسط، حيث عزّز دونالد ترامب العلاقات مع شركاء الولايات المتحدة، يُتوقع ألا يتخلى جو بايدن عن الاتفاق الإبراهيمي، بل يمكن أن يقوّيه ويعزّزه. وستظل إيران مصدر توتر. 
والتنافس بين الولايات المتحدة والصين سيبقى، وذلك لأنه بنيوي. فصحيح أن هذه التوترات تعزى في جزء منها إلى اختلاف النظام السياسي في البلدين، غير أنه ينبغي ألا نخدع أنفسنا. ذلك أنه إذا كانت مسألة حقوق الإنسان والنظام السياسي يشكّلان موضوع اختلاف حقيقيا بين واشنطن وبكين، فإن الدافع الحقيقي للعداء هو تنامي قوة الصين بالطبع. والجدير بالذكر هنا أن الصينيين والأميركيين كانت تربطهم علاقات جيدة جدا، بل علاقات شبه حليفين في عهد ماو تسي تونغ إزاء الاتحاد السوفييتي؛ وبالتالي، فإن الهيمنة العالمية هي ما يتنافس عليه هذان العملاقان قبل كل شيء آخر. 
الاتحاد الأوروبي وقّع مؤخراً اتفاقاً تجارياً مع الصين، يسمح له بإعادة إحداث نوع من التوازن في علاقاته التجارية مع بكين. وإذا كان البعض قد ندّد بهذا الاتفاق باعتباره طريقة سيئة إزاء إدارة بايدن، فإنه ليس غريباً أن تدافع أوروبا عن مصالحها التجارية، وأن يتم الدفاع عن هذه الأخيرة بشكل أفضل مع توقيع هذا الاتفاق، وخاصة أن الولايات المتحدة لم تكن تتصرف دائماً مع الأوروبيين بطريقة ودية على الصعيد الاقتصادي.
وينبغي اتباع تطور مواقف الاتحاد الأوروبي لكي نلاحظ ما إنْ كان ازدياد قوته سيتأكد، والذي بدأ مع خطة التعافي الطموحة جداً التي تبلغ قيمتها 750 مليار يورو وينتظر أن تطبّق هذا العام. وإذا كانت المفوضة الأوروبية الموجودة منذ أكثر من عام قد أكدت على طموحها في أن تكون مفوضية «جيوسياسية»، فهل ستتأكد في 2021 الآمال التي ولدت في 2020؟
وأخيرا، هل سيستطيع العمالقة الرقميون، «غافام» (شركات جوجل وآبل وفيسبوك وأمازون ومايكروسوفت) و«باتكس» (شركات بايدو وعلي بابا وتينسنت وشاومي)، الذين تمنحهم قوتهم الاقتصادية، ولكن أيضاً إدارتهم للبيانات، قوةً جيوسياسية تكافئ تلك التي تتمتع بها دول كثيرة، إن لم تكن تفوقها، الاستمرار في استعراض قوتهم، مثلما رأينا في 2020 مع تطور أنشطتهم والنمو الكبير جداً في ثروات رؤسائها؟ أم هل سيكون هناك توقف في 2021؟ الواقع أنه فُتحت عدة تحقيقات في الولايات المتحدة بشأن ممارسات قد تكون غير قانونية لـ«غافام». ومن غير المستبعد أن يتحرك الكونجرس على غرار العدالة الأميركية، خشية تشكّل احتكار يقضي على قواعد المنافسة الحرة. ومن جانبه، عبّر الاتحاد الأوروبي عن رفضه واحتجاجه أيضاً. وإذا كان هذا الأخير لم يحرّك ساكنا بشأن هذا الموضوع لمدة طويلة جداً، فإن المفوضية الجديدة عبّرت عن التزامها بشأن هذا الموضوع، سواء على الصعيد المالي أو على صعيد إدارة البيانات. والواقع أنه حتى في الصين، حيث الأساليب مختلفة تماماً، لاحظنا خطوات لتذكير هذه الشركات بحدود مساحة التحرك المسموح بها، وخاصة إزاء جاك ما، رئيس شركة «علي بابا». إذ يبدو أن النظام الصيني أيضاً بات يخشى الأهمية الكبيرة جدا لهؤلاء العمالقة الرقميين. فهل ستواصل الدول محاولة تقوية سلطتها إزاء الشركات الرقمية العملاقة؟
*مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس