سيواجه الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، عدة تحديات تتعلق بالأمن القومي عندما يتولى منصبه الجديد في 20 يناير الجاري، ومن ذلك الأزمات المتواصلة في الشرق الأوسط، وخاصة في ما يتعلق بإيران، والنشر المتواصل للقوات الأميركية في مناطق خطرة مثل أفغانستان والعراق وشرق أفريقيا، والإرهاب السيبراني، والانتشار النووي، والتأثيرات الأمنية والاقتصادية لجائحة «كوفيد-19» العالمية. هذه المشاكل سيرثها الرئيس الأميركي الجديد، ومرونته للتعاطي معها ستكون لها حدود واضحة.
غير أن هناك موضوعاً مهماً رئيسياً يستطيع فيه بايدن تدشين بداية جديدة وإعادة الولايات المتحدة إلى دور قيادي سيكون محل ترحيب من قبل معظم البلدان، ألا وهو تغير المناخ. ذلك أن الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترامب، وإدارته، اتخذا قراراً مقصوداً وعلنياً جداً بالانسحاب من الموضوع واتخاذ خطوات قوية للتقليل من أهمية تغير المناخ، لدرجة إنكار الكثير من العناصر الأساسية المعترف بها على نطاق واسع من قبل المجتمع العلمي العالمي. 
فداخلياً وخارجياً، انكب ترامب على تقليص التزام أميركا بالعمل مع بقية العالم من أجل الحد من انبعاثات الكربون للمساعدة على تقليل التهديدات الوجودية التي يطرحها تغير المناخ. وعلى الصعيد الداخلي أزالت إدارته أو قيّدت القوانين التنظيمية التي مررتها الإدارات السابقة، حتى تسهّل على القطاع الخاص التوسع في استخراج الوقود الأحفوري، والخشب، والمعادن من مناطق كانت «ممنوعة» على الاستغلال التجاري سابقاً. 
وفي 1 يناير 2017، سحب ترامب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ الموقَّع عام 2015، موضحاً أن أميركا ليست مستعدةً للمشاركة في تقنين دولي جديد من شأنه فرض أعباء على قطاعات الوقود الأحفوري الأميركية، وخاصة استغلال الفحم والنفط والغاز الطبيعي. وفي غياب الولايات المتحدة، لم تتحقَّق أهداف اتفاق باريس، ولم تضطلع أي قوة كبيرة أخرى بدور قيادي حقيقي. 
لهذا استُقبل قرار بايدن وضع تغير المناخ على رأس أجندته الدولية بالترحيب من قبل شركاء أميركا الخارجيين. وليس هناك مؤشر أفضل على تصميم بايدن على بداية جديدة بشأن تغير المناخ من تعيين وزير الخارجية الأسبق جون كيري لقيادة هذا الجهد، حيث سيكون كيري عضواً في مجلس بايدن للأمن القومي، وستكون لديه رتبة عضو في الحكومة. 
فعلى مدى سنوات عدة، كان كيري مناصراً قوياً لتكثيف الجهود من أجل تقليص انبعاثات الكربون العالمية. وبالنظر إلى علاقته الطويلة والقوية مع بايدن، فإن حضوره في اجتماعات المناخ الدولية ستكتسي أهمية أكبر. وعلى الرغم من أنه لم يعلن بعد عن أجندة لإعادة أميركا إلى المفاوضات بشأن المناخ، فإن هناك قضايا كثيرة تستحق اهتماماً عاجلاً، ومن ذلك المخاطر المتزايدة جراء حرائق الغابات الضخمة التي شهدناها خلال عام 2020، في الأمازون وسيبيريا وأميركا الشمالية وأستراليا وجنوب أوروبا. وبالتالي، فالمطلوب الآن هو تعاون دولي أكبر من أجل فهم الأسباب واقتراح جهود للحد من تأثيرات هذه الحرائق على البيئة المناخية. ولا شك أن معالجة هذا الموضوع يمكن أن تكون إحدى الطرق لإعادة تأسيس تعاون بين الولايات المتحدة وروسيا حول مسألة تشكّل مصدرَ قلق كبير بالنسبة للبلدين. 
ومن التحديات المناخية الأخرى أيضاً الأزمات المتزايدة المتعلقة بالمياه الصالحة للشرب في الشرق الأوسط الكبير، من المغرب غرباً إلى جنوب غرب آسيا شرقاً. فبسبب النزاعات التي لم تحل والتهديدات التي يطرحها الإرهاب والانتشار النووي في هذه المنطقة، انصب الاهتمام الدولي على البحث عن طرق لمعالجة هذه القضايا. ونتيجة لذلك، أُولي قدرٌ أقل بكثير من الاهتمام لمشاكل المياه التي ما فتئت تزداد خطورةً بسبب تزايد الطلب، ومحدودية الإمدادات، وحقيقة أن المنطقة هي الأكثر جفافاً في العالم. 
وبغض النظر عن الجهود الرامية لتسوية النزاعات، فإن الولايات المتحدة تستطيع لعب دور مهم في تسهيل الحوار وتعاون حقيقي بين القوى الإقليمية. وفي هذا الصدد، فإنه على ضوء الاتفاق الإبراهيمي الجديد بين إسرائيل والإمارات والبحرين، يستطيع كيري المساعدة على ضمان قدر أكبر من الاهتمام بالعمل على حل لمشكلات المياه في المنطقة، قبل فوات الأوان.