عند نواصي مدينة العين النابهة يجثو فندق «إيلا جراند»، مثل جواد أبهر يطالع المدينة بلواحظ شعت متراقصة، محتفية بالحجيج الذين أموا المدينة من كل حدب وصوب، وتسمع نغمات الحناجر الصغيرة كأنها الدفء في عروق العشاق، كأنها الحلم تحت جفون البراءة، كأنها الوشوشة في وجدان الموجة، كأنها النسيم في ثنايا سعفات النخلة، كأنها خرير الماء في سجايا الجداول، وأنت في مكان الاستقبال، أنت في البهو المنعم بصولجان أبهة البناء والبيان، تنصت إلى صوت هامس يأتي من مكان ما يتسرب إليك كأنه الوسوسة، بل إنه العصاب القهري الذي خلفته الجائحة في شحمة الأذنين، هو ذاك الصوت الرهيب الذي عندما يصحو عند طبلتي الأذنين، تشيح عنك الابتسامة في وجوم وتدعك تفرك جفنيك براحتين مرتعبتين، تجعلك تتلفت يمنة ويسرة، لعلك تقبض على ذاك الكائن الشرير، وتكبله، وتجندله، حتى لا يهاجم عزيزا، ولا يؤذي حبيبا.
الإمارات من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، تنعم بعافية الشفاء من وباء «كورونا»، والمؤسسات الصحية تبذل كل ما بوسعها لطرد المرض، كما وملاحقة الخوف الذي استوطن في بعض الصدور جراء متابعة الناس أخبار العالم وما يحدث في بلدان كثيرة من إصابات مفزعة وبينما تتخذ موقعك على أريكة هادئة، بملمس المخمل، وتتأمل المشهد، وترى الوجوه تختبئ خلف القماشة الزرقاء، يداهمك الخوف، ولا شك أنه خوف نفسي ولا علاقة له بالواقع، ولكنك وعلى الرغم من يقينك بأن الموئل الذي حللت فيه، اتخذ كل الأسباب الاحترازية، وكل ما يحيط بك، منعم بالنظافة وأدوات التطهير، ولكنك رغم ذلك تشعر وكأن كائناً خفياً يقف خلفك، وينظر إليك بعينين عدائيتين، تخترق أشعتهما قلبك كأنها السهام، ولكن ما يطمئنك ويدخل السرور إلى قلبك، هي هذه القوافل البشرية المتدفقة كالنهر، ترافقها حقائبها بألوان مختلفة، وكذلك صغار انطلقوا كعصافير تزقزق بأصوات تتسرب إلى القلب كالماء العذب، فتشعر بالسعادة الغامرة، تشعر بأنك تمتلك العالم، وأن السماء التي فوق رأسك أصبحت قبعة عملاقة ملونة بالفرح، أصبحت أنت «نوخذا» ذلك الزمن، وتنظر إلى العالم بعينين كنجمتين، ترقصان على نغمات البهجة الإماراتية، تتابع المشهد وتشعر باللحن الكوني يتسلل إلى قلبك، تشعر باتحاد العالم في هذه المدينة التي استقبلت زوارها بشساعة وجدانها، ورحابة مشاعر أهلها، وهي السمة الإماراتية التي طبعت أخلاق الناس، كما هي رمالها الشاهقة وهي تعانق السماء، والذرى الذهبي يسطع تحت أشعة الشمس جبالاً من وهج، وأمواجاً من مهج.
تنفتح اليوم الإمارات على السماء الواسعة، كزهرة اللوتس وهي تفتل بتلاتها، منتصرة على الإحباط، متفائلة بعزيمتها، وإرادتها الصلبة، وقدرة أبنائها على صون المنجز، بكل صرامة، وجسارة.