نعلم جميعاً أن 2020 كان عاماً سيئاً، ومروعاً، ومضطرباً سيذكره الناس بتفشي وباء فيروس كورونا والانتخابات المستقطِبة. لكن بالنسبة لعشاق الفضاء، كان هذا العام جيداً حقاً، حيث قدم بعض الأخبار الواعدة وسط العناوين القاتمة للمرض والصعوبات الاقتصادية والاحتجاجات.
أطلقت شركة تقنيات الفضاء «سبيس إكس» مركبة تحمل رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية مرتين. وأطلقت ناسا مركبة متجولة إلى المريخ وأخذت عينة من كويكب على بعد 200 مليون ميل.
ويحمل عام 2021 احتمالية لمزيد من الأخبار الجيدة. إليك بعض ما يمكن أن يحدث في العام الجديد:
بعد رحلتين ناجحتين تحملان رواد فضاء إلى محطة الفضاء الدولية، من المقرر أن تقوم «سبيس إكس» بذلك مرة أخرى هذا العام. من المقرر أن تنطلق مهمتها التشغيلية الكاملة «كرو -2»، وهي مجموعة رباعية من رواد الفضاء من مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا خلال الربيع المقبل. وفي الخريف، تستعد الشركة لإطلاق «كرو-3».
كانت وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» تقوم بإطلاق رحلات روتينية إلى المحطة الفضائية. إذا سارت الأمور على ما يرام، ستصبح «سبيس إكس» خليفة لمكوك الفضاء، وسد فجوة كبيرة في برنامج رحلات الفضاء الأميركية.

«سبيس إكس»
في أواخر العام، تخطط «سبيس إكس» أيضاً للقيام بمهمة لصالح شركة «أكسيوم سبيس»، التي قامت بشراء رحلة إلى محطة الفضاء الدولية لطاقم مكون من أربعة أفراد. وسيرافق «مايكل لوبيز أليجريا»، رائد فضاء سابق في ناسا يعمل الآن في أكسيوم، ثلاثة مواطنين عاديين.
إن تحليق البشر على متن صاروخ «فالكون 9» ومركبة «دراجون» الفضائية ليس سوى جزء مما تقدمه «سبيس إكس»، حيث تواصل الشركة اختبار المركبة الفضائية «ستارشيب»، وهي مركبة من الجيل التالي تبدو وكأنها صومعة حبوب طائرة. ولكن، كما يأمل الرئيس التنفيذي للشركة «إيون ماسك»، ستنقل الناس إلى المريخ يوماً ما.
تأمل ناسا أن تكون ناجحة، حيث تستثمر وكالة الفضاء 135 مليون دولار في «ستارشيب» كجزء من محاولتها لإعادة رواد الفضاء إلى القمر. قال ماسك إنه يأمل أن تتمكن المركبة الفضائية من الوصول إلى المدار في 2021.
تمضي الشركة قدماً أيضاً في مشروع آخر صعب للغاية -خطة لإغراق مدار الأرض بآلاف الأقمار الصناعية التي سترسل إشارات الإنترنت إلى المحطات الأرضية، وربط المناطق الريفية بشبكة النطاق العريض (برودباند).

«ارتميس»
كانت السمة المميزة لسياسة إدارة ترامب الفضائية هي العودة إلى القمر لأول مرة منذ هبوط رواد فضاء أبولو 17 هناك عام 1972. وجه البيت الأبيض وكالة «ناسا» لتسريع الجدول الزمني للهبوط على سطح القمر في 2024 – 2028. وقد مارس مدير ناسا «جيم بريدنشتاين»، عضو سابق في الكونجرس، ضغطاً من أجل تمويل البرنامج، الذي أطلق عليه اسم «أرتميس». ومن المفترض أن تقوم ـ«ناسا» بإطلاق مركبة «أوريون» الفضائية من دون رواد فضاء على متنها بحلول نهاية عام 2021، في أول رحلة لبرنامج «أرتميس». وإذا سارت الأمور على ما يرام، سيدور «أوريون» حول القمر، ويختبر أنظمته قبل العودة إلى الوطن.

مغامرات ريتشارد برانسون
عبر ريتشارد برانسون المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ في بالونات الهواء الساخن، وكاد أن يلقى حتفه قبالة سواحل إيرلندا، ومرة أخرى تحطم في القطب الشمالي الكندي. كما حطم الرقم القياسي لأسرع وقت لعبور المحيط الأطلسي في قارب، وتقطعت به السبل مرة في الجزائر أثناء محاولته الدوران حول الكرة الأرضية في منطاد. في عام 2021، وفي سن السبعين، قد يواجه «ريتشارد برانسون» أكثر مغامراته صعوبة حتى الآن: رحلة إلى حافة الفضاء في طائرته الفضائية شبه المدارية. لقد بدأ سعيه منذ أن أسس شركة «فيرجن جالاكتيك» في 2004، وبعد التأخيرات والنكسات، اقتربت الشركة من تحقيق هدفها.
تقول «فيرجين جالاكتيك» إنها ستكرر الرحلة التجريبية، وبعد ذلك سيأتي دور «برانسون» في النهاية. إذا سارت الأمور على ما يرام، ستوجه الشركة انتباهها بعد ذلك إلى نقل مئات الأشخاص إلى الفضاء مقابل ما يصل إلى 250.000 دولار.

«نيو شيبارد»
كان بيزوس في الخامسة من عمره، عندما شاهد «نيل أرمسترونج» و«باز ألدرين» يمشيان على سطح القمر، مما أثار شغفاً طوال حياته بالفضاء. وقال: إن شركته الفضائية «بلو أوريجين» هي «أهم عمل أقوم به». قد يكون 2021 عاماً متميزاً بالنسبة للشركة التي تأسست قبل 20 عاماً، حيث تخطط «بلو أوريجين» للقيام بأول رحلة لها مع البشر على متن مركبتها الفضائية «نيو شيبارد» في العام المقبل. وهي مصممة للسفر إلى حافة الفضاء والعودة -وليس إلى المدار. ولكنها لم تفتح بعد المبيعات أو تعلن عن أسعار التذاكر.
كما تأمل «بلو أوريجين» في الطيران لأول مرة في عام 2021 بصاروخها «نيو جلين»، وهو مركبة ضخمة تعمل بسبعة محركات من طراز «بي إي-4». الصاروخ الجديد صممه «تحالف الإطلاق المتحد»، وهو مشروع مشترك بين بوينج ولوكهيد مارتن. قال «توري برونو»، الرئيس التنفيذي لشركة «يو إل إيه» إنه من المقرر أن يطير «فولكان سينتور» في نهاية العام. ستكون تلك المهمة تاريخية، حيث ستحمل مركبة فضائية آلية من صنع شركة «أستروبوتيك» ومقرها «بيتسبيرج» للهبوط على القمر كجزء من برنامج ناسا. إذا نجحت، فستكون أول مركبة فضائية تطلق من الأراضي الأميركية لتهبط على سطح القمر منذ عصر «أبولو».

المريخ وما وراءه
في 18 فبراير المقبل، ستحاول «ناسا» مرة أخرى القيام بالإنجاز الجريء المتمثل في هبوط مركبة فضائية على المريخ، عندما يستعد المسبار «بريزيرفانس» للهبوط.
سيكتشف المسبار فوهة «جيزيرو» بالقرب من خط استواء المريخ، حيث كانت توجد بحيرة ذات يوم. يقول العلماء إن هذا هو المكان المثالي للبحث عن علامات الحياة الميكروبية القديمة. وسيجمع المسبار عينات من الصخور والتربة للعودة بها إلى الأرض.
أدرجت وكالة ناسا أيضاً طائرة هليكوبتر من دون طيار تسمى «انجينيوتي» في المهمة، في اختبار لما إذا كان بإمكانها الطيران في الغلاف الجوي الرقيق للمريخ، وهو أقل كثافة بنسبة 99% من الغلاف الجوي للأرض. أخيراً، من المقرر إطلاق تلسكوب «جيمس ويب» التابع لناسا في أكتوبر 2021 بعد سنوات من النضال، وتجاوزات التكلفة التي دفعت سعر البرنامج إلى ما يقرب من 10 مليارات دولار. وبمجرد وصوله إلى الفضاء، سيكون التلسكوب قادراً على النظر إلى الوراء في الوقت المناسب لرؤية أقدم ضوء في الكون، وهو تكوين المجرات والكواكب خارج نظامنا الشمسي.

كريستيان دافينبورت

أستاذ العلوم السياسية بجامعة ميشيجان
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»