وحدهم الروائيون وكتّاب السيناريو تحدثوا عن أوبئة قاتلة تشل حركة الناس، متخيّلين ما يمكن أن يحدث للبشرية حينها، وكأنهم يدركون - كثيراً أو قليلاً - حجم الدمار الذي ستجلبه تلك الأوبئة بصرف النظر عن اسمها. وبالرغم من أننا قرأنا أعمالاً أدبية عن هكذا أوبئة، ورأينا ما يمكن أن يحدث بسببها في بعض الأفلام «الخيالية»، وسمعنا بعض «العرافين» يدلون بدلائهم حولها؛ إلا أن الحالة ظلّت بعيدة عن أذهاننا إلى أن أصبحت واقعاً، كما بقي المشهد خيالياً إلى أن حلّت الكارثة بالفعل في العام الفائت.
كان عام 2020 صعباً واستثنائياً على العالم كله، دُوِّن في التاريخ باسم عام كورونا، الوباء الذي باغت البشرية وضرب الدول في كل مفاصلها الحيوية، وحتى اللحظة ما تزال الشركات تسابق الزمن من أجل إنتاج لقاح ناجع بلا أضرار ينقذ الناس من الهلاك، وبفضله تعود عجلة الزمن إلى الدوران كما يجب، أي بعد إغلاق معظم الدول حدودها، وتقليص حجم تجارتها وساعات عمل موظفيها في القطاعين العام والخاص، وفرضها التباعد الاجتماعي، واستنفار القطاع الصحي/الطبي فيها. ورغم كل تلك التحديات التي أدت إلى خسائر فادحة بشرية واقتصادية؛ نجحت بعض الدول في تجاوز ما ترتّب من أزمات بسبب الفيروس، ومن بينها دولة الإمارات. موقع «سي. إن. إن» أوجز مسيرة الإمارات خلال عام 2020 بدءاً من المريخ، إلى تقسيم الذرة، وصولاً إلى المساعدة في تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا. 
فالإمارات التي رفعت شعار «لا شيء مستحيل»؛ حققت الكثير والمهم من المنجزات خلال العام الماضي، وعلى عدة مستويات وصُعد. فقد أطلقت «مسبار الأمل»، وشغلت أولى محطات براكة النووية بطاقة تشغيلية وصلت إلى 80%، وربطت المحطات بشبكة نقل الكهرباء الرئيسية. وعلى الصعيد السياسي تم الإعلان عن اتفاق ثلاثي إماراتي – أميركي – إسرائيلي لمباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين الإمارات وإسرائيل، أما على الصعيد الاقتصادي فقد سجلت الإمارات موقعاً لها بين الدول المتقدمة والأسرع نمواً في العالم، وجاء ترتيبها الأول إقليمياً والتاسع عالمياً في التنافسية العالمية لعام 2020.
أما في المجالات الصحية والدوائية والغذائية، ومن أجل مواكبة المستجدات التي فرضها وباء كورونا، فقد سجلت الإمارات تحولات نوعية في استراتيجيات الاستثمار وذلك عبر تعزيز توجهها نحو قطاعات حيوية. فمنذ اليوم الأول لإعلان انتشار الوباء عالمياً باشرت العمل على تنفيذ الخطط التي تكفل عدم تأثر مخزونها الغذائي الاستراتيجي من خلال الإمداد المتواصل من عدة أسواق عالمية، ثم واصلت جهودها لتوفير الغذاء والدواء لكافة مواطنيها ومقيميها بالتنسيق المشترك بين جميع الجهات والمؤسسات المعنية، واستثمرت الإمارات أيضاً في تطوير علاج فيروس كورونا.
لكن الإمارات في العام الجديد 2021 تهدف إلى الوصول لمصاف أفضل عشر دول في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، وما سيساعدها في تحقيق هدفها هذا توجهها الاستراتيجي في تعزيز منظومتي الأمن الغذائي والصحي، والذي استمر على مدار الأعوام الخمسين الماضية، وبالتالي فإن الذي ستجنيه الإمارات حالياً، ما هو إلا ثمار جهود بذلتها على مدار نصف قرن، وهو ما سيضمن لها مكانة مرموقة بين الدول الأكثر قدرة على التكيف مع تداعيات الأزمات مهما تكن.
وفي مستهل عام جديد، نتطلع نحن الإماراتيون بكل أمل وتفاؤل وثقة لغد أفضل، لا يحمل فقط الخير لبلادنا، إنما للبشرية جمعاء.